على وقع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من سورية تعيش المناطق الشمالية الشرقية من سورية مخاضاً وطنياً يبشر بخلاص الكابوس، والعودة الى الوطن التي طال انتظارها، فلم يعد هناك مجال للاختباء وراء محتل أميركي، وليس هناك من عوائق تحول دون أن يعبّر أبناء الوطن في تلك المناطق عن حقيقة انتمائهم.
إشارات بدأت تشكّل ملامح الفجر القادم حملها شباب وأبناء المناطق الشرقية وقبائلها قبل أيام وأسابيع عندما خرجوا في تجمعات شعبية معلنين انطلاق المقاومة الشعبية ضد المحتل أحرقوا خلالها العلمين الأميركي والفرنسي ورددوا هتافات للجيش والقائد، مطالبين بتحرير تلك المناطق من رجس الإرهاب والاحتلال، وهذه الإشارات تحمل رسائل لا تخطئ صندوق البريد، ولا تضلّ طريق من يعنيهم الأمر.
وبالرغم من الحديث المتردد والمتناقض أحياناً عن خروج القوات الأميركية، فقد أصبح هذا الخروج الذليل أمراً واقعاً يحمل في صميمه هزيمة يخشى الأميركي إعلانها، لكنها هزيمة واضحة في طريقة إخلاء القوات الأميركية مقراتها تحت جنح الظلام.
هذا الخروج لن يكتمل قبل أن يجرّ معه ظلّه الأوروبي المتمثّل بالقوات الفرنسية التي لا تقوى على الظهور بمفردها، وما الهجوم الذي استهدف أمس مقراً لتلك القوات في الرقة سوى شارة بداية التقطها نظام ماكرون الذي أعلن على لسان سفيره بموسكو أن السلطات الفرنسية تبحث احتمال انسحاب القوات الفرنسية من سورية.
لن يكون مصير التهديدات التركية هي الأخرى أفضل من مصير الأميركي والفرنسي، فقد أججت الحراك الشعبي في المناطق الشمالية الشرقية فكانت الشعارات الجامعة هي رفض تلك التهديدات والتأكيد على مواجهتها بكل السبل المتاحة مبنية على إيمان وثقة بأن الجيش العربي السوري لن يترك شبراً من الأرض من دون أن يحرره ويعيده إلى سيادة الوطن.
لا شكّ أن هذا الحراك الشعبي الوطني المدعوم بموقف رسمي حازم بأن شرق الفرات سيعود إلى حضن الدولة سلماً أم حرباً، يتطلب من جميع القوى الموجودة في تلك المناطق أن تعيد النظر في ارتباطاتها وتوجهاتها التي انحرفت عن المسار الوطني ردحاً من الزمن، وأن تغلّب المنطق الوطني على المنطق الشخصي فهو الكفيل بمستقبل آمن لجميع أبناء الوطن.
المخاض الوطني في شرق الفرات بدأ، وتباشيره عودة ميمونة لمن ضلّ الطريق فلا حجة بعد اليوم لمرتبط بوهم أميركي فرنسي ولا لمتسلق سلطة مناطقية.. فلا سلطة فوق سلطة الوطن.
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908