من المقرر أن تنعقد في سوتشي الروسية غداً قمة ثلاثية للدول الضامنة لمسار آستنة، تركّز في جوهرها على الوضع في ادلب، وسيكون لشرق الفرات، وقرار الانسحاب الأميركي المزعوم مساحة وافية من النقاش أيضاً، ولا بدّ أن يكون أردوغان وهو الضامن الرئيسي للتنظيمات الإرهابية قد تهيّأ مسبقاً لفرد أوراق نفاقه على الطاولة، لا سيما وأنه تنصّل من جميع التزاماته، ولم ينفذ حتى الآن أي شيء من تعهداته تجاه اتفاق سوتشي بشأن إدلب.
القمة الثلاثية مهد لها أردوغان بتعويم إرهابيي النصرة على كامل منطقة خفض التصعيد، لخلق واقع جديد يتيح له التنصل بشكل رسمي من الاتفاق، ويسعى أيضاً لجعل مرتزقة التنظيم الإرهابي واجهة سياسية لما يسمى «معارضة معتدلة»، تفسرها محاولات نظام أردوغان الحثيثة لدمج إرهابيي « النصرة» بما يسمى «الجيش الوطني» الإرهابي التابع بشكل مباشر للنظام التركي، وبالتالي تحويل إدلب بالكامل إلى ملجأ آمن للتنظيمات الإرهابية، الأمر الذي يحمل الجانبين الروسي والإيراني مسؤولية التصدي لأوهام أردوغان، والخروج بقرار واضح يتيح للدولة السورية حسم معركة تحرير إدلب، بعدما استنفد النظام التركي كل المهل الزمنية التي سبق ومنحتها سورية تجنّباً لإراقة الدماء.
فقرار تحرير إدلب لا رجعة عنه، وعندما تؤكد الدولة السورية أن تحرير المدينة باتت أولوية مهما كلفت التضحيات، فهذا يعني أن خيار التفاوض لم يعد متاحا، حتى وإن استمر نظام أردوغان في المراوغة والرهان على الوقت، بانتظار أوامر أميركية جديدة، وتقديم رشى أخرى تمدد فترة صلاحيته كمشغل للإرهاب، قد تكون عبر إطلاق يده في إقامة «المنطقة الآمنة» المزعومة التي تدغدغ مخيلته، وتسيل لعابه لإشباع نهمه العدواني.
شرق الفرات، ومنطقة التنف لن يكونا مستثنين من القرار السوري بتحريرهما من الإرهاب والقوات الأجنبية الغازية، حتى وإن استمرت أميركا في المراوغة بتنفيذ قرارها المزعوم بسحب قواتها المحتلة، وتمادت مع «تحالفها» غير الشرعي بارتكاب المجازر بحق المدنيين، ويبدو أنها أكثر حنقاً اليوم من انتصارات الجيش العربي السوري، لذلك لا تزال تراهن على إرهابييها الدواعش خوفا على خسارة أوراقها التفاوضية، وتحاول مدهم بوسائل الديمومة والبقاء لقطع الطريق أمام أي حل سياسي، لتأتي الاعتداءات المتكررة من الكيان الصهيوني لتصب في سياق التصعيد الأميركي الإسرائيلي التركي لإطالة أمد الأزمة، تريد منظومة العدوان من خلالها تحقيق ما عجزت عنه طوال السنوات الماضية، ولكن تطورات الأوضاع الميدانية والسياسية تشير بمجملها إلى قرب إعلان سورية نصرها النهائي على الإرهاب وداعميه.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908