في الأوّل من شباط عام 1969 أطلقت وزارة الثقافة في سورية مجلّة (أسامة)؛ مجلّة الطفل العربي بإصدارعددها الأوّل، وكانت يومها نصفَ شهريّة، ولقد أُريدَ لهذهِ المجلّة الرائدة، التي تبلغ اليوم عامها الخمسين، أن تنهَضَ بقسطٍ وافرٍ من تربيةِ أجمِلِ المَلكاتِ والمواهبِ، عند أطفالِ البلادِ، وأن تتصفَ ببعدٍ تربوي تعليمي واضح، على ألّا يكونَ فجّاً، أو طاغياً؛ بمعنى أن يكونَ على حسابِ جماليات القولِ والكتابةِ، وجماليات الفن الذي رافقَ النصوص ونهض بها…
كانت المجلّةُ – وما زالت – ترسِّخُ حُبّ الوطنِ؛ الصغيرِ والكبيرِ، وتنمّي في النفوس النقيّة ِاليانعةِ أجمل القيم وأكثرها إنسانيّةً، ولا تنسى التأكيد على رابطةِ العروبة والإعلاءِ من شأن مقاومةِ المحتلين؛ وتمجيد العملِ الفدائي الذي كان قد انطلَقَ في الأرض المحتلّة؛ وأنا حتى اليوم أذكر ما كتبه عادل أبو شنب تحت عنوان (أسامة مع الفدائيين) و(أسامة في الأرض المحتلّة)، ورسَمَهُ ممتاز البحرة في الأعداد الأولى من هذهِ المجلّة؛ كما لا أنسى شخصيّاً تلك الحكاية الباهرة التي اشتغلت عليها السينما الغربيّة فيما بعد (آلة الزمن)، وقد كتبها مُسلسلةً نجاة قصاب حسن؛ ورسمها نذير نبعة.
لقد كانت أجمَلُ اللحظاتِ عندي حين كان والدي (المُعلّم) يعودُ من المدينة إلى القرية التي كان مديراً لمدرستها على كتفِ اللجاة؛ تلك الصّبة البركانية الخالدة، حاملاً لي مجلّتي (أسامة) و (رافع)، اللتين أسهمتا كثيراً في تكويني وتكوين جيلي.
دعمت وزارة الثقافة منذ تلك الأيام حتى الآن (مجلّة أسامة)، وهذا ما تؤكدُهُ تلك الجمهرة من كبار كُتّاب سورية، التي عملت الوزارة على تشجيعها للكتابةِ في (أسامة)؛ من سليمان العيسى ومحي الدين صبحي إلى سعد الله ونّوس إلى عادل أبو شنب إلى حسيب كيّالي ونجاة قصاب حسن، وأحمد يوسف داود وحامد حسن معروف وبيان الصفدي ومحمّد الحريري، وسلامة عبيد وآخرين كُثُر من أهم مبدعي البلاد، ولقد أثبتت وزارة الثقافة منذ عام 1969 حتى الآن حِرصها على ألّا تتوقّف هذهِ المجلّة؛ وبدا الأمر جليّاً في أصعب السنوات التي مَرّت على البلاد، أعني منذ عام 2011 حتى الآن… حيث قُدِّم الدعمُ لها، وحماها من الانهيار…
يسعدنا – نحن الذين تربّينا على أدبِ وفكر (أسامة) – أن نهنئَها بعامها الخمسين؛ وأن ننحني إجلالاً لجهود أولئك الكتّاب والرسامين الكبار الراحلين منهم والذين ما زالوا بيننا، على كل ما قدَّمُوه.
والشكر الجزيل أيضاً لوزارة الثقافة؛ لحِرصها الواضح على نجاح (أسامة) ووصولها إلى أطفالنا في كل مكان.
إضاءات
د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 17-2-2019
رقم العدد : 16911
التالي