إنصاف المعلم

في صورة مستعادة من زمن أبيض وأسود ، قبل غزو الفضائيات جدران البيوت وزحف الأجهزة الذكية لتحتضنها الأكف صغيرها و كبيرها ، كان المعلم يقف ببدلته الأنيقة و نظاراته السميكة التي تسكن وراءها نظرات حازمة و جازمة وسط طلابه المتوجلين من هيبته و المنصتين لدرر علمه ، بينما كانت عصاه كجزء من برستيجه الاجتماعي لمن عصا من الطلاب بناء على وصية الأهل لانتاج جيل متعلم مهذب حسن السلوك ، فتقاسموا اللحم و العظم كاستراتيجية تربوية متفق عليها قامت على مبدأ التأديب و الرهبة ، لجعل العلاقة مبنية على أسس الاحترام ، و عدم تجاوز الحدود لتلك القامة العلمية التي تعلم و تربي.
بينما في زمننا الملون بشتى ألوان الغزو الثقافي و أشكال الانقلابات الجذرية في منظومة القيم والأخلاق ، تبدلت تلك العلاقة ولحقها خلل كارثي أودى بالاحترام ، و قضى على التبجيل لمنارة و منبع العلم المتمثلة بالمعلم ، وعوضا عن القيام لإيفائه التبجيلا كونه كاد أن يكون رسولا، بات المعلم للأسف يضرب ويهان ويهدد ويتوعد من قبل من يحترق لأجلهم.
نتائج ذاك الخلل في العلاقة بين المعلم و الطالب بتنا نشهده يوميا من خلال التطاول والاستخفاف والسخرية ، و كأن عصا التأديب انتقلت من يد المعلم إلى يد التلاميذ والطلاب لتأديب المعلم و تعديل سلوكه ، وربما بات على المعلم أن يقف تبجيلا للطالب لتنعكس الآية وتقلب العلاقة رأسا على عقب.
ثمة عوامل تربوية كثيرة أودت بمعلم ما إلى العناية المشددة بعد تعرضه للضرب ، و تلك المعلمة التي تتعرض لإهانة أو استخفاف من قبل طالبتها ، و يوميات مدارسنا أمست حافلة بقصص مشابهة ، تعكس انهيارا لعلاقة مقدسة.
إن استعادة المعلم اعتباره ومكانته اللائقة باتت مطلبا ملحا لتسير العملية التربوية على أسس صحيحة ، وربما رفع تعويض طبيعة العمل أربعة أضعاف ما هي عليه الآن خطوة أولى في المسار الصحيح لتحسين الوضع المعيشي للمعلم ، بينما ظروفه المادية أرغمته للعمل بأعمال اضافية لا تليق بقامات علمية و تربوية ، جعلت الطالب يستخف بمعلمه السائق العمومي و يسخر منه كبائع للخضار أو« كرسون » في مطعم و عامل لديه كمدرس خصوصي.
ان تحسين الوضع المعيشي للمعلم سيكون له انعكاس واضح على عطائه و نفسيته ، و ليس من المبالغة بمكان ان المعلم يستحق أكثر من ذلك بكثير لما يبذله من جهد فكري ينعكس جسديا و نفسيا.
عين المجتمع
منال السماك
التاريخ: الأحد 17-2-2019
رقم العدد : 16911

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية