تعتبر أزمة السكن من أهم المشكلات التي تواجه جيل الشباب، نظراً لارتفاع التكاليف وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين وخاصة أصحاب الدخول المحدودة، وارتفاع أسعار العقارات ومواد البناء، وعدم توافر التمويل الميسر لشراء المساكن، وتزايد الطلب على الوحدات السكنية.
وقد أرخت الحرب الظالمة والقاسية التي شنت على سورية خلال الثماني سنوات الماضية بظلالها السلبية والكارثية على واقع هذا القطاع، والتي أفضت بالنهاية إلى تشريد الآلاف من الأسر من بيوتهم ومنازلهم، وجعلت الكثير منهم يقعون بين مطرقة الحاجة وسندان تجار الأزمات ومستغلي الفرص ولهيب نار الإيجارات الكاوية.
في الحقيقة لا يستطيع عاقل أن ينكر تداعيات الحرب وما خلفته من آثار، ولكن بالمقابل فإن أزمة السكن ليست وليدة الظروف الحالية، وإنما تعود جذورها إلى عقود سابقة قبل الحرب، وقد عزا الكثيرون هذا المشكلة إلى عدم وجود سياسات إسكانية واضحة في ذلك الحين، وترحيل المشكلة من خطة خمسية لأخرى، إضافة لعدم وجود خطط للتنمية المتوازنة في حينها وقصور المخططات التنظيمية، وارتفاع أسعار الأراضي المعدة للبناء، واختلال معادلة العرض والطلب وغياب التنظيم عن سوق العقارات، وتحكم قلة من التجار والمضاربين فيه، ناهيك عن عدم وجود رأس مال ضخم قادر على الاستثمار بهذا المجال.
تؤكد المعطيات الحاجة الماسة لبناء أكثر من مليون ونصف المليون مسكن لتلبية الحاجة الفعلية من المساكن، الأمر الذي يستدعي إيلاء هذا الملف كل الدعم والرعاية، وتضافر جميع الجهات سواء من شركات التطوير العقاري والمؤسسة العامة للإسكان واتحاد التعاون السكني وإشراك القطاع الخاص بهذه المهمة، والاستفادة من خبرات الدولة الصديقة بمجال البناء التعمير والتشييد السريع. والمساهمة بشكل فعال في عملية التمويل لمشاريع الإسكان وإنشاء صندوق للتنمية العقارية ووضع المخططات التنظيمية، واعتماد مبدأ التوسع الشاقولي وتهيئة الأراضي وتوفير الصكوك التشريعية والقوانين والأنظمة الخاصة بقطاع السكن لحل مشكلاته. والبدء بإشادة ضواحي تعاونية سكنية لأصحاب الدخل المحدود بأسعار تقارب الواقع وتحاكي تطلعات شرائح كبيرة كالشباب والعمال والموظفين وغيرهم من فئات المجتمع.
السكن مطلب اجتمــاعي والتأخر في إنجازه قد يولد أزمات وانعكاسات اجتماعية واقتصادية وغيرها. وتوفير المساكن الملائمة والمناسبة بيئياً وصحياً يعتبر حاجة أساسية، ولتحقيق الاستقرار للأسرة التي تعتبر نواة أساسية في بناء المجتمع.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 27-2-2019
رقم العدد : 16919