على استراتيجية نشر الخراب والتفرقة وإثارة الفتن والحروب نشأ الكيان الصهيوني وترعرع، وهو العاجز عن فعل أي شيء نتيجة وحشيته وإجرامه واحتلاله وتاريخه الأسود دون العبث بالجغرافيا والديموغرافيا من خلال اللعب على وتر التسخين وخلق الخلافات والاختلافات وإشعال الصراعات والمشاكل والنزاعات والاحقاد بين دول المنطقة والعالم، خصوصا الدول التي رفضت الاعتراف بوجوده و أظهرت العداء له ككيان محتل يقتل ويفتك بشعوب المنطقة لاسيما الشعب الفلسطيني.
وهذا كله يندرج في الاستراتيجية الإسرائيلية تحت عنوان (تطويق الشرق الأوسط) من خلال خلق التوازن بين دول المنطقة بما يحفظ ويحمي امن إسرائيل ضد أي خطر محتمل ومن أي دولة في العالم.
لقد استطاعت إسرائيل عبر استراتيجية إثارة النزاعات والفتن أن تحقق الكثير من المكاسب الضخمة، سواء لجهة فك عزلتها السياسية وتوسيع دائرة علاقاتها الإقليمية والدولية وفي مختلف انحاء العالم، أو لجهة بناء قواعد جيو-استراتيجية وجيو- اقتصادية ضخمة وبالغة الأهمية ترتكز عليها مصالحها الحيوية بعيدة المدى ودورها في لعبة التوازنات الإقليمية والدولية، وما من شك في أن باكستان والهند مثلتا ضمن هذه الحسابات هدفاً رئيساً للتحركات الإسرائيلية بسبب مكانتهما وقوتهما الاقتصادية والسياسية البارزة في الشرق الأوسط ، وبسبب طاقاتهما الديموغرافية الهائلة.
السؤال الأبرز كيف تسللت إسرائيل الى المشهد السياسي حيث استطاعت من خلال الولوج الى العمق هناك والعبث بالعلاقات الهندية الباكستانية وإثارة النزاعات والصراعات بين البلدين.
عندما بدأ حزب المؤتمر الحاكم في الهند بالانهيار التدريجي، وبدأت تحكم البلاد حكومات ضعيفة، استطاعت إسرائيل، ونتيجة للخلافات العرقية والمذهبية، أن توجد كتلة في البرلمان الهندي من مختلف الأحزاب أطلق عليها اسم ( أصدقاء إسرائيل في البرلمان) وأثارت هذه الجماعة موضوع إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، كذلك طالبت الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل حزب (جانسنغ) المعارض و(سواتنترا) الهندوسي الذي يعتبر من أكثر الأحزاب اليمينية تطرفاً، بالاعتراف رسمياً بإسرائيل وإقامة العلاقات الكاملة معها، ثم بدأت محاولات عديدة لزيادة النشاط الاقتصادي والتجاري بين الجانبين في الستينات والسبعينات ، وإثر تطبيع العلاقات بين البلدين في مطلع التسعينات شمل التعاون المشترك مختلف المجالات العسكرية والعلمية والتكنولوجية والزراعية والسياحة والطيران.
ثم جاءت التحولات العالمية وتحديدا ما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول لتخدم التوجه الاسرائيلي لكن هذه المرة بدعم أميركي في ضوء تبلور استراتيجية أمريكية هجومية ضد ما أسمته الولايات المتحدة (الإرهاب الإسلامي والعربي) وما تبع ذلك من الإعلان الأميركي الصريح عن تطويق كل من إيران وباكستان وما تمثلانه من أخطار على المصالح الإسرائيلية اثر امتلاكهما قدرات عسكرية متطورة، الأمر الذي استغلته إسرائيل لإقامة محطات تجسس إلكتروني واستطلاع لاسلكي وراداري من محطات أرضية قريبة من شرق إيران ومن شمال باكستان.
بكافة الأحوال يبدو الدور الإسرائيلي وإن لم يكن ظاهرا للعلن، يبدو واضحا وجليا في تأجيج الصراع بين البلدين وهذا ما أشارت إليه بعض الصحف الغربية لان ذلك يحقق الهدف الصهيوني الاسمى وهو تدمير وتخريب علاقات البلدين وبالتالي ضرب وإضعاف البلدين الجارين اللذين يمتلكان قوة نووية يخافها الكيان الصهيوني.
فؤاد الوادي
التاريخ: الجمعة 1-3-2019
الرقم: 16921