فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لمجمع اللغة العربية المنعقد في دمشق قدمت واقعا مفصلا وشبه حقيقي للغة العربية في عصرنا الحاضر كما هو العنوان العريض لهذا المؤتمر، وضمن العناوين الفرعية استطاع المشاركون من دول عربية مختلفة تسليط الضوء على المشكلات التي تواجه اللغة العربية وعرضوا لبعض الحلول..
اللغة العربية عاصرت تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية استطاعت في الكثير من البلدان العربية أن تؤثر بها، ولكنها بقيت بتراثها وموروثها تؤثر باللغات وتتأثر بغيرها، والسلف من العرب تأثر باللغات الأخرى لكنه حافظ على العربية باعتبارها لغة توليدية وتتحكم بالتغييرات، وحافظ على مكانتها بين لغات العالم وجاء كل تطور فيها طبيعيا، وبقيت العربية من أهم العوامل الحاضنة للهوية العربية وفكرها الإنساني والحضاري وأثرت العالم بخصوصيتها الأدبية والإبداعية..
التحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم لا تختلف كثيرا عما كان بالأمس، ورغم ذلك فقدنا الكثير من أسس هويتنا العربية وبقيت اللغة أهم مكون وحاضن أساسي لهويتنا لأنها لاتخضع لأي مغريات أو غرائز تتمكن من طمس هذه اللغة.. والسؤال الذي يطرح نفسه في كل العالم العربي.. هل يمكن لما لدينا من إرث لغوي أن يعيد ماتشظى من هويتنا..؟
يسعدنا في سورية أننا شعب وحكومة تعتز بلغتها وهويتها، واللغة مكون أساسي في كل مفصل من مفاصل الحياة في سورية، وتجربة سورية في الحفاظ على العربية وتمكينها رائدة، بدءا من المراحل الأولى في التعليم مرورا بتعريب التعليم في المراحل الجامعية وتلقين كل العلوم باللغة العربية، وصولا إلى كل مؤسسات الدولة، حيث تجد لجان تمكين اللغة العربية في كل المفاصل الحكومية، ومجمع اللغة العربية منذ تأسيسه في سورية بذل جهودا واضحة مع كل وزارات الدولة في مجال التوعية اللغوية وقدم كل الحلول والمقترحات لإعلاء شأن العربية واستخدامها بالشكل الأمثل لم تبخل سورية أيضا على العالم العربي حيث قدمت مشروع (النهوض باللغة العربية للتوجه نحو عالم المعرفة) في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في دمشق عام 2008 وأقره المؤتمر واعتمده إيمانا من سورية بأهمية اللغة كسياسة قومية وضرورة في الحفاظ على الهوية..
يبقى المحتوى العربي في المكتبة الرقمية العالمية الشغل الشاغل للعديد من متحدثي العربية والمتخوفين على أصالتها على الإنترنت، لأننا نجد الكثير من المحتوى العربي مشوها ومنسوخا ومتكررا وجزءا بسيطا منه أصيل، مايعني أهمية إغناء وإثراء هذا المحتوى بالجيد والحقيقي كما هو حال المحتوى العربي بموروثه الفكري والثقافي والحضاري….
هناء دويري
التاريخ: الجمعة 1-3-2019
الرقم: 16921