تتصدر المشهد السوري اليوم حالة من الجدل الذي يعكس صحوة عامة، أو ربما هو تأكيد على أن الوعي العام ما زال نابضاً، والاعتراف أن التماهي الجماعي في متابعة محتويات عبثية، كان له الفضل في تربع صناعها عرش الشهرة والمال، وذلك على حساب أوقاتنا المهدورة تحت مسمى التسلية، ولذلك لا عجب أن تتحول إلى عملاق براق الحضور على الأرض ورمز للنجاح والتأثير.
الملفت أن تلك الاعترافات الجمعية أن المؤثرين الحقيقيين هم من ضحوا ورابطوا وصبروا، جاء بعد حدث مهم أبرز حصيلة ما اقترفت أيدينا جميعاً.
وبالتالي لا لوم على من كرّم واحتفى طالما أن حشود السوشيال ميديا -(وهم بالأصل القاعدة الشعبية على الأرض)- هم من تابع، ورفع صناع المحتوى على اختلاف تقييمه إلى مصاف المؤثرين.
ولتكتمل الصورة.. تزامن ذلك الجدل مع تعرية حالة مصغرة مشابهة من تصدير الوهم، وبشيء من التدقيق فقط في مرجعية التسميات، وماهية الحاشيات المبروظة على الشاشات، تم كشف زيف العناوين البراقة لمنظمة ادعت أنها دولية، تعنى بحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين.
والملفت أنها ليست وليدة أشهر، وإنما سنوات بحضورها الذي اتخذ مسميات إنسانية ووطنية عدة، واجتماعات في العاصمة، وفروع ممتدة في المحافظات، وقد استقطبت العديد من الكفاءات تحت مسميات وظيفية براقة، وأهداف وطنية كان لها أكثر من حضور على الأرض.
ليتبين بشيء من التدقيق فقط أنها قائمة على الوهم، وأنه حتى شهادات الدكتوراه التي يحملها رأس الهرم فيها وهمية، ولولا الاتفاقية بعشرة ملايين دولار لصيانة وتأهيل الطرقات في حلب، والتي بسطوعها غير المسبوق لنشاط تلك المنظمة، ما تكشّفت الحقائق التي مرت على كثير من الجهات المعنية والشخصيات البارزة سابقاً.
والسؤال هنا: كم من حالات بيع الوهم يمنحها الانبهار الشعبي مشروعية الحضور المبتغى!، أما آن الأوان لنغربل الثمين، ونجعل من الأفعال معياراً للقيمة والتأثير!.