أخرجوا «أنف» ترامب من فنزويلا !!

بعد مضي ما يناهز الشهر على الخطاب الذي ألقاه المعارض خوان غوايدو، وأعلن به عن توليه صلاحيات الرئاسة الفنزويلية، التي يقوم على رأسها في الوقت الراهن نيكولاس مادورو، يبدو أن الأزمة السياسية التي سادت البلاد كأن لا نهاية لها في الأفق، حيث تصاعدت التوترات وزاد الأمر سوءاً مصرع أربعة من المحتجين وإصابة المئات في أعمال عنف جرت قرب الحدود الفنزويلية.
يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ارتكب خطأً عندما بادر إلى الاعتراف بغوايدو كرئيس لفنزويلا ( كان ثمة اعتقاد لدى الأميركيين بأن العملية لن تستغرق أكثر من 24 ساعة).
ليست هي المرة الأولى التي تقع فيها الولايات المتحدة بسوء في التقدير إذ سبق لباراك أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون أن أعلنا عن التدخل في الشأن السوري في منتصف عام 2011. وفي عام 2003 قال جورج دبليو بوش أن (المهمة في العراق أنجزت) بعد فترة وجيزة من الغزو الأميركي، ولا شك أن جميع تلك الحالات تعكس الغطرسة والعربدة لدول عظمى تغض الطرف عن حقائق محلية.
لم يفاجأ المراقبون العسكريون بما أبداه الرئيس الفنزويلي مادور من موقف ثابت ومقاوم لشتى الضغوط التي اتبعتها الولايات المتحدة، ذلك لأنهم على علم بأن الرئيس الفنزويلي يحكم سيطرته على القيادات والاستخبارات العسكرية في البلاد، فضلاً عن وجود مصالح للكثير منهم في الوقوف إلى جانب الحكم، بالإضافة إلى التفاف أولئك القادة حول الحكم، كما أنه ثمة احتمال أن لا يكون للضغوط الأميركية والاستفزازات التي تمارسها أثراً بعيداً في حدوث شرخ يجعل بعض كبار القادة يتعاونون مع ضباط من ذوي الرتب الصغيرة لمناهضة مادورو، لكن لا ريب أن مثل هذا التصرف سيقود بالضرورة إلى حرب أهلية تسفك بها دماء كثيرة، وعلى الرغم من ضآلة هذا الاحتمال فإننا لم نشهد في الوقت الراهن أي بوادر للانقسام بين الضباط من ذوي الفعالية في القوات العسكرية.
نتيجة لتوصل ترامب إلى قناعة تامة بعدم سهولة إسقاط النظام الفنزويلي بالسرعة المرغوبة من قبله أخذ يتعاون مع المعارضة في فنزويلا لدراسة وإقرار القيام بعمل عسكري بالتنسيق مع المعارضة. وفي هذا السياق قال غوايدو مخاطباً ترامب بأنه يجب على المجتمع الدولي فتح الباب أمام كافة الخيارات.
ويبدو أن فكرة اسقاط النظام الفنزويلي كانت تدور في ذهن ترامب منذ أمد بعيد حيث قال في اجتماع جرى عام 2017 إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تشن حرباً على فنزويلا. وسبق للرئيس الأميركي أن قال إن فنزويلا تمتلك الكثير من النفط. كما ألقى باللائمة على باراك أوباما لأنه لم يطالب الليبيين بنصف ما يحوزون عليه من نفط مقابلة مساعدة واشنطن لهم في الإطاحة بمعمر القذافي.
لا ريب أن المصالح الاقتصادية هي المحرك الأساس للتدخل العسكري الأميركي، كما وأن التشدد الأميركي مع فنزويلا قد يروق للكثير من الأميركيين من أصل كوبي في ولاية فلوريدا ما يخدم الأهداف الانتخابية لترامب في الانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2020.
يرى المؤيدون للتدخل العسكري الأميركي في فنزويلا بأنها السبيل للقضاء على الحكم القائم في هذا البلد، ويقدمون أمثلة عما تحقق للغزو الأميركي في كل من بنما وغرينادا، لكن فنزويلا تختلف عن هذين البلدين إذ إن لديها جيش مجهز قوامه أكثر من 100,000 جندي، ومع ذلك فإن قدرات الولايات المتحدة العسكرية الهائلة قد تمكنها من إلحاق الهزيمة بهذا الجيش. لكن عليها أن تستذكر ما جرى إبان محاولاتها الإطاحة ببعض الأنظمة وما تسبب به تدخلها المباشر من كوارث أو حتى دون تدخلها بشكل مباشر.
لا شك أن السياسات القائمة على فرض عقوبات اقتصادية ستؤدي إلى إحداث مجاعة في البلدان المستهدفة وأن قيامها بحظر التجارة مع فنزويلا ومعاقبة الشركات التي تتعامل مع هذا البلد ومنع التصدير للنفط الفنزويلي وإحكام العزلة الاقتصادية كل ذلك قد يؤدي بالضرورة إلى مجاعة جماعية.
يتعين على قادة دول الجوار والعالم السعي لمنع وقوع غزو عسكري أميركي لفنزويلا وأن يعمدوا إلى القيام بوساطة تنتهي إلى إجراء انتخابات في هذا البلد بدلاً من الغزو المتوقع، إذ إن فنزويلا تحتاج إلى هدنة مؤقتة وسريعة يصار خلالها إلى وقف التضخم المفرط وإعادة توريد الأغذية والأدوية لها ومن ثم العمل على إجراء انتخابات في ظل ظروف سلمية وموثوقة في عام 2020.
إن الواقع والضرورة تستدعيان استمرار الحكومة القائمة في فنزويلا بتوجيه القوات العسكرية بما فيها الأمنية والاستخباراتية، وأن يعهد إلى التكنوقراطيين المؤيدين من قبل المعارضة إدارة الأمور الاقتصادية والمالية والصحة وفق اتفاق بين الطرفين، إلى جانب تحديد جدول زمني لإجراء انتخابات حرة في عام 2020 على أن يتم نزع السلاح خارج إطار الدولة وإعادة الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين بشكل عام وتحقيق الأمن في البلاد. يتعين على مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة التصدي للواقع الذي تعيشه فنزويلا وفقاً لم هو متاح لها في الأنظمة والقوانين التي تحكم الخلافات الدولية واتخاذ اجراءات لاستعادة السلم والأمن الدوليين.
Project Syndicate

 

ليندا سكوتي
التاريخ: الأحد 3-3-2019
الرقم: 16922

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
محافظ إدلب يناقش مع جمعية عطاء مشاريع التنمية وترميم المدارس عروض مغرية لا تجد من يشتريها.. "شعبي أو خمس نجوم": أسعار الخضار والفواكه تحلق السويعية تنهض من جديد.."حملة العزاوي للعطاء" ترسم ملامح الأمل والبناء استراتيجيات لمواجهة الجفاف وحماية الإنتاج الزراعي والحيواني في طرطوس صيانة مستمرة لواقع الشبكات وآبار المياه في القنيطرة مرسوم ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة خطوة نوعية لتعزيز جودة التعليم المدينة الصناعية في الباب.. معجزة صناعية تنهض من تحت الركام ملفات التعثّر من عبء اقتصادي إلى فرصة لاستدامة النمو المالي   ستة مشاريع استثمارية قيد الإنجاز للسكن الجامعي بدمشق  الجناح الإندونيسي في معرض دمشق.. فرصة فريدة لاكتشاف عالم متنوع  فوز ثمين لمنتخبنا الأولمبي في التصفيات الآسيوية من إدلب إلى دمشق.. موسى البكر يوثق انطلاقة استثنائية للمعرض الدولي المقاولون السوريون يطرقون أبواب الإعمار من بوابة معرض دمشق السفير الأردني الجديد يباشر مهامه في دمشق ويؤكد حرصه على تعزيز التعاون مع سوريا مؤسسة سلام.. فعاليات متنوعة لأطفال زوار المعرض دمشق ترحّب بتقرير العفو الدولية وتتعهد بالتعاون مع لجنة التحقيق في أحداث السويداء خلال لقاء مع نشطاء وإعلاميين.. محافظ إدلب يؤكد على دور الإعلام في نقل هموم المواطنين بقضية اغتيال ماري كولفين .. فرنسا تلاحق الأسد وأركان نظامه بجرائم حرب تطوير الشبكة الكهربائية في مناطق بريف دمشق جناح اتحاد الفلاحين.. منتجات تُعبر عن غنى الأرض.. ومساحة مباشرة للقاء بين الفلاح والزوار