إفشال النّعمة..!

تعتقد بعض الأوساط التأمينيّة أنَّ ثمة تراجعاً في الوعي الصحي عند شرائح المجتمع السوري، وقد توصّلت إلى قراءة ذلك من خلال المعطيات التي أظهرتها شركات إدارة النفقات الطبية، حيث تُسجّل أنَّ الاستهلاك الدوائي عند السوريين المؤمّن عليهم صحياً يصل إلى 65 % من حجم الإنفاق الصحي عندهم ككل، وهذا يدل في الشكل على أنّ السوريين تخلّوا إلى حدٍّ بعيد عن نهج الوقاية، فارتفع منسوب العلاج بالدواء، ما يعني تراجعاً واضحاً في الوعي الصحي، وعزوفاً عن التقيّد بمفهوم (الوقاية خير من العلاج) وهذا ما يُثبت – بنظرهم – ذلك التراجع، الأمر الذي بات يحتاج إلى تكثيف التوعية الصحية لتستقيم المعادلة، وتصير كفّة الوقاية هي الراجحة، بدلاً من كفّة العلاج الراجحة اليوم إلى الحدّ الذي تمّ اعتباره أنه ارتقى إلى دائرة الخطر.
ولكن في الواقع ومن خلال ملاحظة الدلالات، ونظرة المجتمع السوري بشكلٍ عام لضرورات التقيّد بمفاهيم الصحة العامة، فإنّ الوقائع تكاد تجزم بأنّ الأمر عند السوريين ليس كذلك..!
فالأغلبية العظمى من مجتمعنا باتت بالفعل تمتلك وعياً صحياً عالياً، وتتمسّك بمنحى الوقاية جيداً، وقد انعكس هذا كخلاصة نهائية على ارتفاع متوسط الأعمار في سورية، إذ تشير بيانات البنك الدولي إلى أنّ متوسّط الأعمار في سورية قفز من /52,77/ سنة في عام 1960/ إلى /74,72/ سنة في عام 2013، وهذا المتوسط لا يأتي هكذا من فراغ، وإنما يأتي نتيجة تراكمات واقعية في الوعي الصحي تُفضي إلى مثل هذه النتائج.
هذا كله يوصلنا إلى أنّ الاستهلاك الدوائي الذي ظهر عند شركات إدارة النفقات الطبية بنسبة 65 % ليس صحيحاً، وعلى الأرجح فإنّ نسبة كبيرة من هذه النسبة الاستهلاكية للدواء، تمثّل شكلاً من أشكال الاحتيال، الذي يُمارسه المؤمَّن عليهم من خلال سوء استخدام بطاقة التأمين، فالكثير منّا يرى ويسمع، كيف يعتبر العديد ممن حوله من المؤمّن عليهم أنّ من حقهم استغلال بطاقة التأمين كيفما يحلو لهم، ومن دون حاجة حقيقية إلى ذلك، ويبررون لأنفسهم سحب الدواء – بل وغير الدواء – على حساب البطاقة، فإن حصلوا بالاحتيال على موافقة لصرف دواء معيّن، فإن استهلاك هذا الدواء يُسجّل، في حين يسحبون بدلاً منه وبما يوازي سعره من الصيدليات مواد أخرى لا علاقة لها بالدواء ولا بالأمراض، كالشامبو والمطرّيات وصبغات الشعر ومعاجين الأسنان وغير الأسنان، وما إلى ذلك.. فهم غير مرضى أصلاً..!
هذا خطأ شنيع لا يساهم في زيادة مؤشرات الاستهلاك الدوائي الوهمي فقط، وإنما يساهم بقوة في إفلاس الجهات التأمينية، وهي لن تقبل بالإفلاس (ولا يجوز أن تقبل) ما يعني أن الإمعان في هذا الخطأ سيؤدي بالنهاية إلى إفشال مشروع التأمين الصحي من أساسه.
علينا أن نعي هذا الأمر جيداً، ونتخلّى عنه، بمقدار ما أعي جيداً كم تودّون إسكاتي الآن.. فأنتم تعرفون.. وأنا أعرف.. ويكفي استهتاراً بنعمةٍ قد نفقدها بهذه الرعونة يوماً..!

 

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 18-3-2019
الرقم: 16934

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها