الجريمة متواصلة

 

 

لا ينفصل الحادث الإرهابي في مدينة كرايست تشيرتش عن مسار وطبيعة وسلوك الإرهاب المعولم الذي ضرب وما زال يضرب أكثر من بلد عربي وأجنبي وهو اليوم يضع المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والعالم الليبرالي الغربي أمام استحقاقات واجبة الاعتراف. ولعل أولى الحقائق التي يؤكدها الهجوم الإرهابي هي أن الإرهاب الدولي بلا هوية محددة أبداً فهو سلوك تنفيذي لمعتقدات أساسها البناء على عامل الكراهية ورفض الآخر انطلاقاً من عقيدة رجعية متخلفة ترسخ العداوة التاريخية بين الثقافات والعقائد البشرية.
ولعل الحقيقة الثانية تتمثل في لا مكانية الإرهاب إذ إن الحديث السابق عن قدرة الاٍرهاب على اختراق الحدود وتجاوزها جميعها أصبح أمراً مسلماً لا تستطيع قوى البغي والعدوان إنكاره بعد هذه الجريمة التي ارتكبت في نيوزيلاندا صاحبة القيم الحضارية المتقدمة التي تتباهى بمبادئ العدالة والمساواة واحترام المعتقدات والحريات الشخصية بشكل لافت وتستضيف على أراضيها مهاجرين من مختلف أنحاء العالم تمنحهم جنسيتها دون تمييز، فيأتي الحادث الإرهابي مؤكداً فظاعة الإرهاب كسلوك تنفيذي بعيداً عن قوانين الدول وقدرة أجهزتها الأمنية على تعقب سلوك المتطرفين. أما الحقيقة الأكثر حضوراً -باعتقادي- فهي أخذ الأبرياء بجريرة المجرمين وخاصة تلك الأنظمة التي تدعم وتمول وترعى الإرهاب، كالنظام الأردوغاني، فتظهر مبررات ردود الفعل بحيث تبدو وكأنها رد فعل للدفاع عن النفس أمام تهديدات ومخاطر تستهدف مجتمعاً أو فئة أو مجموعة عرقية أو إثنية وحتى سياسية، فالمجرمون الإرهابيون يتذرعون بمواقف أردوغان لقتل أبرياء لا يجمعهم بأردوغان إلا اسم الدين والمعتقد، فيما الجوهر يختلف ويتباعد كلياً عن سلوك العثماني المتجدد بجميع القيم والمبادئ.
الجريمة الإرهابية الكبيرة في النهاية ستفرض أرضية جديدة للحوار والنقاش بشأن تحديد تعريف الإرهاب والوقوف الصادق على الجهات التي تدعم الإرهاب من جانب والجهات التي تحاربه بالنيابة عن الإنسانية والحضارة من جانب آخر، وهنا تترسخ الرؤية السورية في تحديد دوافع وأصول وأبعاد ومرامي وأهداف وآليات الإرهاب، وستسقط جميع الذرائع التي يسوقها الغرب الاستعماري في تجميل صورة المسلحين الإرهابيين وهم يوظفون حيناً في تنفيذ مهمة قذرة في منطقة محددة، ليتم توظيفهم لاحقاً في منطقة آخرى وفق المصالح العدوانية لمن رعى ومول ودعم الإرهاب في سورية وغيرها، وستكون الإدارة الأميركية تحديداً ومنظروها أمام مواجهات بحثية صعبة ستكون نتيجتها إثبات خلفيات العدوان الاستعماري مقابل صدقية سورية ومن خلفها محور محاربة الإرهاب الصادق بما في ذلك من عمل مقدس خدمة للبشرية كلها.

مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 18-3-2019
الرقم: 16934

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا الرئيس الشرع وملك البحرين يؤكدان تعزيز التعاون الخارجية الأميركية: العلاقات مع سوريا تدخل مرحلة جديدة غروسي: نتطلع إلى تعزيز التعاون مع سوريا ونخطط لزيارتها مجدداً تعزيز التنسيق المشترك عربياً ودولياً في لقاء نقابي سوري سعودي  "المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب