في حي الطوافرة بحماة ما زالت أسماء ثلاثة عشر فناناً يرسمون في دار واحدة هي بالنسبة لكل واحد منهم عالم فيه يتصارع ويتصالح، وفيه يحب ويكره، يقلق ويصفو، يشدو ويبكي هماً وحزناً وفرحاً في لوحة مليئة بالألوان والخطوط والوجوه. هو عالم سوري لم يدخله من الخارج سائح أو زائر إلا وأذهلته التجربة القائمة في أجمل أحياء حماة القديمة حيث ما زال العاصي يحمل تأوهات النواعير ويرميها في مجراه.
في منتصف هذا الحي الأثري، تقبع دار الفنانين التشكيليين، يعود تاريخها إلى ما يزيد على 400 عام، يوجد فيها سبع غرف حوّلها الفنانون إلى سبعة مراسم مفردة ومزدوجة، ولأن الفنان يبث الروح في اللوحة أراد أن يبثها في الأحجار والجدران المتهدمة، فقام مجموعة منهم بترميم المكان على طراز البيوت القديمة المجاورة وعلى حسابهم الشخصي، ليكون أول تجمع يضم مجموعة من الفنانين التشكيليين في بيت واحد، ربما يكون الأكثر تفرداً في العالم الإنساني.
غرف يشكّ الزائر إليها أنها ستقاوم عوادي الزمن، لكنها صابرة وصامدة حانية على اللوحة واللون والفرشاة.
في إحدى الزيارات إليها دخل أحد الفنانين إلى مرسمه صباحاً صاعداً درجاً قديماً وبدا شارداً في أفكاره حيث صعد المرسم وأغلق بابه ليحول هذا الشرود إلى أفق بعيد، يجرب فيه تقنيات من الرسم حتى توصل إلى الرسم بالقهوة وفاحت رائحة البن والهيل لتعلن أن كل صباح سيفوح دوماً بعطرها.
ليس ما نقوله خيالاً بل عالم من سحر الطبيعة والمكان والفن الذي حافظ عليه ذوو الإحساس المرهف وما زالت أسماء الفنانين الثلاثة عشر مسجلة في لوحة ستعيش طالما عاشت هذه الدار وهم: بركات عرجة، سمير طنبر ،عبد الستار عمرين، عبد العزيز الطويل، عماد جروا، محمد نور رشواني، مفيد زغرات، موريس سنكري، موفق جمال، هشام بزنكو، وائل المصري، يحيى العظم، يحيى تويت، ومنذ عام 2006 شغل الفنانون هؤلاء هذا المكان الجذاب.
وقد سجلت ملاحظة بقائمة أسماء الفنانين تفيد بأن الأسماء وضعت حسب تسلسل الأحرف الأبجدية لأن الجميع وحّدهم حب اللون في لحظات وساعات تطول لرسم لوحة تعلق على جدران الأثرياء.
الثورة – أيدا المولي
التاريخ: الثلاثاء 19-3-2019
رقم العدد : 16935