لم تصدر من فراغ تصريحات الرئيس التشيكي ميلوش زيمان التي أكد فيها أن نظام أردوغان حليف رئيسي لتنظيم داعش الإرهابي، ولم تكن الأدلة والقرائن التي تمتلكها الحكومة التشيكية وساقها الرئيس في حديثه عن العلاقة التي تربط بين التنظيم المذكور والنظام التركي، هي وحدها التي تؤكد شراكة الطرفين في سفك الدم السوري وتدمير ونهب الخيرات السورية.
ولكن ما تم ذكره على لسان الرئيس التشيكي كطرف محايد وتأكيده قيام أردوغان بدور الوسيط في العمليات اللوجستية، دعماً للإرهابيين في سورية والعراق، وتزويدهم بالمواد الأساسية وخاصة الوقود، تعد رسالة واضحة إضافية للمجتمع الدولي كي يقوم بدوره من خلال هيئاته ومحاكمه المختصة في محاسبة نظام أنقرة على جرائمه بحق سورية والسوريين، وخاصة أن الدولة السورية زودت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في السنوات الماضية وبشكل دائم بكل التفاصيل في هذا الموضوع، وبالوثائق.
وما يوضح التنسيق والتعاون والتناغم في الفكر والتوجه بين داعش وأردوغان، ردات الفعل المتطابقة من جانب الطرفين تجاه الاعتداء الإرهابي يوم الجمعة الماضي في نيوزيلندا، والتي حملت في طياتها المعاني والمفاهيم المتطرفة نفسها.
ففي رسالة داعش الصوتية التي وصفتها شبكة «سي إن إن» الأميركية بالنادرة، دعا المتحدث باسم التنظيم «الإرهابي أبو حسن المهاجر» أنصار خلافته المزعومة في كل مكان للثأر والانتقام، رافضاً التشبيه بين ما ارتكبه هو وتنظيمه من فظائع وجرائم بحق الإنسانية في سورية والعالم، وهذه الجريمة الإرهابية النكراء التي ارتكبها أسترالي يميني متطرف، ما يعني أن جميع الدول وخاصة في الغرب مقبلة على موجة من الهجمات الإرهابية المماثلة، تنفيذاً لتوجيهات تنظيم داعش الإرهابي الذي على ما يبدو تهيئ له الولايات المتحدة الأميركية للقيام بدور جديد، قد تتكشف ملامحه مع الأيام والشهور القادمة.
كما جاءت ردة فعل أردوغان الذي يجيد ركوب أمواج الإرهاب المتلاطمة في المنطقة والعالم، متطابقة تماماً مع رسالة شريكه في الإرهاب الداعشي أبو حسن المهاجر، وحملت في طياتها التهديد والوعيد لكل من يخالفه الرأي في تركيا والعالم، موظفاً هذا الحدث الإرهابي لمآربه السياسية الخاصة، ما أثار حفيظة أستراليا ونيوزيلندا نفسها.
راغب العطية
التاريخ: الخميس 21-3-2019
رقم العدد : 16937