في خطوة دونالد ترامب نَقلَ السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب، وُجِدَ في العالم تابعون أذلاء التحقوا بحماقة ترامب، وأما في خطوة توقيع الإعلان الرئاسي – الذي لا قيمة له – للاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل، فإن أحداً في العالم لم يُؤيدها حتى الآن، حتى من أولئك التابعين الحَمقى.
وإذاً، فقد تَحقق الإجماع الدولي ليس فقط على رفض حماقة ترامب، بل على استنكارها وإدانتها والتَّحذير من تَبعاتها، فضلاً عن التأكيد على أنّ شيئاً لن يتغيّر بعد توقيع ترامب سواء لجهة الوضع القانوني للجولان من أنه أرض سورية محتلة، أم لجهة حق سورية باستعادته، على أنه من المُسلَّم به أن الحماقة الأميركية لا أثر لها على موقف الأمم المتحدة ولا على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة المُلزمة التي تُوجب انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان.
للجولان حُماته، سورية – قيادة وجيشاً وشعباً – لن تتنازل عن شبر منه ولا عن ذرة من ترابه، حَفظته وحَصَّنته وما زالت بصمودها وتضحياتها، وبثباتها، لكنها أقرب اليوم من أي وقت مضى لتَستعيده، ذلك أنها إذا كانت ذهبت إلى مؤتمر مدريد، وواصلت لسنوات مُحادثات السلام بنفس طويل عَرّى المُماحكات الإسرائيلية الأميركية قبل أن تتوقف، فذلك لأنها كانت تَثق بقُدرتها على خوض هذه المعركة السياسية، والانتصار فيها.
أما وقد ذهبت واشنطن كطرف راع لعملية السلام المُتوقفة، للتعبير عن صهيونيتها لا عن انحيازها للكيان الإسرائيلي، وإلى دفن أي احتمال لإحياء هذه العملية، من خلال الذهاب لحماقة التوقيع التي أقدم عليها ترامب، فإنّ الجميع بات يعرف أن طريقاً واحداً لن يعود الجولان إلى سورية إلا من خلاله، لطالما خَشيته واشنطن سابقاً، إلا أنها تَختاره اليوم في تصعيد خطير يَكشف رغبتها بالتفجير والانتحار من بعد هزيمة مشروعها وتحطم مخططاتها.
للجولان حُماته من أبناء سورية الذين يَتحفزون لوثبة بطولة وعنفوان يَستكملون بها انتصارهم الناجز على معسكر داعمي الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة .. شكراً لكل من وقف صادقاً لا مُنافقاً مع سورية، لا تَقلقوا على الجولان فهو عائد، لكن احرصوا على أنفسكم وأوطانكم .. احموها من البلطجة الأميركية، ومن سياسة واشنطن الساقطة وقيادتها المُنحطة، لطالما عَرفتم الحق وعَجزتم عن ترجمة إجماعكم إلى فعل يَلجم الساقط المُنحط!!.
منطق الانحطاط المُعتمد بالخطابُ الأميركي الذي يَنبري لشَرعنة الاحتلال تُلخصه المَقولة التالية الأكثر انحطاطاً: إسرائيل احتلت الجولان السوري لتَحمي نفسها، ينبغي أن يبقى تحت سيادتها، وأن تضمه، وأن نعترف لها به! لماذا إذاً لا تَبقى أميركا غداً في كل أرض تَحتلها بذريعة كاذبة تَدعي توفير الحماية لنفسها، لمصالحها، أو لو شئتم للأمن والاستقرار العالمي؟ أليست تُنصب ذاتها شرطياً فاجراً على أربع جهات الأرض!؟.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 27-3-2019
رقم العدد : 16941