تختزل الأحداث والتطورات الراهنة، ماهية المخطط الاستعماري الجديد الذي تتزعمه الولايات المتحدة، وتجير الكثير من أدواتها الإقليمية والدولية والعربية لتنفيذ هذا المخطط الرامي لإعادة رسم الخريطة الدولية بما يتوافق مع عقلية الهيمنة والغطرسة الملازمة لأركان إدارة ترامب أولاً، وبما يتماهى مع الأطماع التوسعية للكيان الصهيوني ثانياً.
الجولان المحتل الذي يتصدر مشهد البلطجة والقرصنة الأميركية اليوم، لايمكن وضعه إلا في خانة استكمال فصول الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية، بعدما فشل محور العدوان عن تحقيق أجنداته عبر دعم التنظيمات الإرهابية على مختلف أشكالها وتسمياتها، وفشل أيضاً بالإرهاب الاقتصادي والنفسي الذي يمارسه على نطاق واسع ضد السوريين.. والغضب الشعبي المتواصل من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، يعطي أبلغ الرسائل لإدارة ترامب، وأجرائها لدى العديد من الأنظمة والحكومات التابعة لها، بأنه لا يوجد قوة في الأرض بمقدورها أن تغير الحقائق التاريخية، بأن الجولان كان وسيبقى عربياً سورياً، وبأن قرار ترامب لا بد وأن يعجل بعودة الجولان عاجلاً وليس آجلاً، مثلما سيتم عن قريب تحرير كل شبر أرض من رجس الإرهاب، ومن أي قوة أجنبية غازية ومحتلة، بهمة إرادة السوريين، وسواعد أبطال الجيش العربي السوري.
والحال ذاتها تنطبق على الحقوق الفلسطينية التاريخية، التي لا يمكن أن تمحوها قرارات ومعاهدات دولية مشبوهة، أو تعام أعرابي متعمد لمصلحة الكيان الصهيوني.. ومليونية الأرض والعودة هي رسالة بليغة أيضاً، لكل من يراهن على انكسار إرادة الصمود لدى الفلسطينيين، لتمرير «صفقة القرن»، أو للاستيلاء على المزيد من الأرض، لفرض أمر واقع يمهد لتصفية الوجود الفلسطيني، حتى وإن تمددت الأنظمة المستعربة في حضن أعداء الأمة، فإن الرهان الصهيوني والأميركي سيبقى الخاسر دوماً.
العربدة الأميركية قد تطيل عمر الأزمة في سورية لوقت إضافي جديد، ولكنها لن تمنع السوريين من إنجاز نصرهم الكامل على الإرهاب وداعميه، وقمة الأعراب لن تنال من ثوابت السوريين الرافضين لكل الإملاءات الأميركية والغربية، مهما تمادى الأعراب في خضوعهم للتعليمات والأوامر الأميركية، وعندما يتحررون من نير التبعية للغرب الاستعماري، ويقررون استرجاع سورية، فهم الرابحون، لأن ما يسمى «الجامعة العربية» فقدت عروبتها منذ اللحظة التي نفذت فيها الأعراب القرار الأميركي بتجميد عضوية سورية، كفصل متمم للحرب الإرهابية التي كادت تستنزف خزائن مشيخات النفط، لتمويل وتجنيد الإرهابيين من كافة جهات الأرض، وإرسالهم إلى سورية.
السوريون يقولون كلمتهم الفصل بأن ما عجز رعاة الإرهاب عن تحقيقه في الميدان، لن يحققوه عبر سياسة الضغط والابتزاز، والحصار الجائر، وهم اليوم أكثر إصراراً وعزيمة على تحرير كل أراضيهم، وإحباط كل مشاريع الهيمنة والتقسيم، وأن أي نظام دولي جديد فإنه سيولد من رحم صمودهم.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأحد 31-3-2019
رقم العدد : 16944