يأخذ الحديث عن إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي حيزا كبيرا في النقاشات الوطنية على مستوى الجهات المعنية بهذا القطاع الحيوي وأيضا في أروقة صناع القرار لما له من أهمية كبيرة عامة وفي الحالة التي تمر فيها سورية من عدوان اقتصادي يستهدف كل القطاعات وخاصة المرتبط منها باحتياجات المواطن اليومية.
في هذا السياق جاء إقرار لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء “الوثيقة التنفيذية” لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي والتي تهدف بعنوانها العام إلى الاستثمار الأمثل لإمكانيات هذه المؤسسات الاقتصادية البشرية والمادية والبنى التحتية الكبيرة لتمارس دورها في الاقتصاد الوطني.
يسجل للوثيقة وقوفها على المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات و طرقها لهذا الباب في هذا الوقت في ظل التحديات والمتغيرات بالنسبة للوضع الجيو-سياسي المحيط في سورية إلى جانب صعوبة تأمين متطلبات الإصلاح الفني والتقني من الخارج في ظل العقوبات .
لا شك إن إقرار ” الوثيقة التنفيذية لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي” هو بداية محفوفة بالمخاطر والعقبات والعراقيل ولعل ما يبشر بثمارها هو تشخيص الوثيقة الدقيق لمشاكل هذا القطاع القانونية والإدارية والمالية وإشراك المعنيين الأول بإصلاحه وهم العمال والموظفين فيها ممثلين باتحاد نقابات العمال .
غالبية المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والمعنية بعملية الإصلاح مضى على تكوينها سنوات طويلة ومنها يمتد لعقود الأمر الذي لا بد من أخذه بعين الاعتبار والتفكير بمدى الحاجة إليها أولا و إمكانية الإصلاح ثانيا وبالتالي لا بد أن يكون العامل الأساس في تحديد هذه الخيارات من عدمها هو المصلحة العامة ولا ضير من التخلي عن أي مؤسسة او اعادة النظر بمهامها ودورها لا تتوفر في عملية إصلاحها هذه الشروط وصولا إلى مؤسسات وشركات اقتصادية تمول خزينة الدولة لا تستنزفها.
قد يفهم البعض أن طرح الموضوع بهذا الشكل هو دعوة للخصخصة أو بيع القطاع العام أو التخلي عن العمال أو غير ذلك من هذه العبارات التي دائما ما تطفو على السطح عند الحديث في هذا الشأن الاقتصادي وهذا مجاف للواقع.. فلا الحكومة أعلنت تبنيها لهذا التوجه ولا الدولة لديها نية في التخلي عن القطاع العام.. بل العكس من ذلك هناك توجه لتعزيز دور هذا القطاع لما له من أهمية قصوى بالنسبة لسورية في مواجهة العدوان الغربي الأميركي الصهيوني المتعدد الإشكال عليها .
لقد انتهت المبادرات السابقة لإصلاح القطاع العام الاقتصادي إلى نتائج متواضعة ومحدودة لأسباب عديدة منها غياب التشخيص الدقيق لواقعها والتهاون في مواجهة العقبات والعراقيل و وجهات النظر المتضادة والتي كان يتحكم بالبعض منها مرض ” الفساد ” والاهم من ذلك عامل الشفافية و ترك العمال والموظفين اللذين بدونهم لن ينج الإصلاح تتقاذفهم الأقاويل والإشاعات الهدامة .
لم يعد مبررا تحت أي طائل القبول باستمرار مؤسسة أو شركة اقتصادية عامة خاسرة تحت حجة “المصير المجهول لعمالها” علما إن هذا العامل يكون في ذيل اهتمام من يعرقلون الإصلاح وغالبا من يقوم بتشويه هذه العملية وعدم تعميم الشفافية والفوائد العائدة على الدولة والعمال من عملية الإصلاح في آن معا هم الانتهازيون والفاسدون . ما نشر من وثيقة إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي يعكس حرص الدولة على مواكبة التجارب العالمية لكل الصيغ الاقتصادية” في تكوين قطاعات اقتصادية مرنة و منتجه ورابحة ومنافسة وأيضا يعكس تلمس الدولة لخطورة التأخر في هذه العملية وهذا بحد ذاته يشكل منطلقا للنجاح بغض النظر عن الصعوبات.
إن سورية المنتصرة قي حربها على الإرهاب بحاجة ماسة إلى قطاع اقتصادي منتج يوفر المتطلبات الأساسية لشعبها و يكون عاملا مهما في استكمال هذا النصر على كل الأصعدة .
معاً على الطريق
أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 31-3-2019
رقم العدد : 16944
السابق
التالي