شكَّل التسول في الآونة الأخيرة ظاهرة لافتة للنظر في الكثير من الطرقات وبالقرب من الإشارات والمحال التجارية وفي الحدائق، والمقلق في الموضوع هو أن أغلب المتسولين من فئات عمرية صغيرة كان من الأولى أن تكون بالمدارس وليس على قارعة الطرقات لاستجداء الشفقة وإثارة عواطف الآخرين، لدرجة أن الكثير منم اتخذها مهنة تدر عليه المال والبعض الآخر دعته الحاجة ليحصل على ما يكفيه من قوت يومه، ولكن الأخطر بالأمر هو أن التسول بداية الطريق للسرقة والانحراف الأخلاقي والسلوكي وتعاطي المخدرات، وقد يدفع إلى الجريمة بكل أشكالها وقد يكون ستاراً لأشياء أخرى أخطر.
التسول في ظاهر الأمر حرفة يزاولها معظم العاطلين عن العمل كطريق سهل للعيش ولكنه في الحقيقة آفة من أكثر الآفات الاجتماعية خطورة، وتشكل إساءة بالغة للعادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع والتي تحث على ثقافة العمل وكفالة الأطفال والأيتام والعجز، وهي تؤثر بشكل سلبي على المجتمع، حيث يعيش جزء من الأفراد والأشخاص عالة على المجتمع لأنها تقودهم للعزوف عن العمل واللجوء إليها واحترافها كمهنة سهلة لجلب المال دون أي جهد أو عناء يذكر الأمر الذي يدفعهم إلى الكسل والذي يتسبب لاحقاً في ضعف اقتصاد المجتمع والتأثير السلبي على إنتاجيته، ناهيك عن حرمان المجتمع من جزء من طاقة أبنائه، إضافة إلى أن انتشارهم في كل مكان وخاصة في المدن الكبرى يؤدي إلى تشويه صورة البلاد ومنظرها الحضاري ويعطي انطباعاً سيئاً لدى الزائرين والسياح.
التسول من الظواهر الاجتماعية الدخيلة على مجتمعنا ومن التشوهات الاجتماعية التي تؤثر عليه والتي عمقتها ظروف الحرب التي فرضت على بلدنا، لذلك لا بد من تضافر جميع الجهود سواء الحكومية أم الأهلية للحد من هذه الظاهرة، ووضع استراتيجية متكاملة لمكافحتها واستئصال آثارها ودوافعها والجهات التي تقف وراءها، والتحقيق في العلاقة التي تربط المتسولين بالأطفال الذين استخدموا في التسول ووضع قوانين صارمة بهذا المجال، لما لهذه الظاهرة من أخطار سلبية على المدى القريب والبعيد سواء على الأطفال واستقرارهم الأسري والاجتماعي ومستقبلهم المهني وسواء على المجتمع ككل، لذا يتوجب إيجاد فرص عمل مناسبة لأهل هؤلاء الأطفال المتسولين من قبل الجهات المختصة والكشف عن الجهات أو الأشخاص الذين يستأجرون الأطفال، وضرورة إدماج الأطفال المتسولين المحرومين من الأسر ضمن مؤسسة خاصة تتكفل برعايتهم.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 3-4-2019
رقم العدد : 16947