نتائج الانتخابات البلدية في تركيا بالأمس شكلت صفعة مدوية لأحلام رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان بمواصلة السيطرة المطلقة على مفاصل الدولة التركية، إذ أفقدت حزبه إدارة أكبر مدينتين في تركيا هما اسطنبول وأنقرة مع ما تعنيه من قاعدة شعبية واقتصادية كبرى، فهل يقرأ أردوغان وحزبه رسالة الشعب التركي؟
لم تكن نتائج الانتخابات البلدية مفاجئة للكثير من المتابعين للشأن التركي وقد جاءت متوافقة مع استطلاعات الرأي التي تنبأت بخسارة أردوغان وحزبه لمناطق حساسة في ظل أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد هي نتاج سياسات السلطة الحاكمة في تركيا والتي أدت إلى تراجع قيمة الليرة التركية والقدرة الشرائية للأتراك.
قبل أشهر كانت مشاهد الأتراك يصطفون في طوابير طويلة أمام منافذ بيع الخضروات أشبه بحال بلد يعيش حرباً على مدى عقود، وليس دولة مثل تركيا تمتلك قدرات اقتصادية كبيرة، وتدعي سلطتها السياسية القدرة الذاتية على مواجهة أي مشاكل اقتصادية، هذه المشاهد إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة كانت مقدمة للكلمة الفصل في صناديق الانتخابات البلدية وخصوصاً في اسطنبول كبرى المدن التركية وأشدها حساسية لأردوغان نفسه والتي كانت رافعته وحزبه للوصول إلى سدة الحكم.
لا شك أن دخول تركيا في عداء سياسي مع معظم دول الجوار وخصوصاً مع دعم أردوغان للإرهاب والمجموعات الإرهابية في سورية والعراق شكل عائقاً أمام الاقتصاد التركي وساعد في تعميق الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ورغم أن رأس النظام التركي لا يزال يصر على عدم الاعتراف بالهزيمة القاسية التي مني بها والتقليل من أهميتها، فهي تؤشر لأيام سوداء تنتظره على مستوى البلاد، ويكفي أن نذكر أن أردوغان نفسه كان قد أعلن أن معركة اسطنبول هي معركة سياسية وأن من يحكم اسطنبول يحكم تركيا لندرك حجم الخسارة التي مني بها ناهيك عن أن حزبه لم يخسر العاصمة أنقرة منذ 25 عاماً.
يمكن القول إن هذه الانتخابات تتعدى كونها انتخابات بلدية وتشكل مقدمة للانتخابات النيابية المقبلة، وإن مرحلة أفول أردوغان وحزبه بدأت في تركيا ولن تقف في وجهها مكابراته وعنترياته، فهو خسر ثقة الشعب التركي وخصوصاً في المناطق ذات الرمزية الكبرى مثل اسطنبول نتيجة عدم الرضا عن أداء أردوغان وحزبه وحالات الفساد التي تفوح من صفقات اقتصادية على حساب الأتراك واحتياجاتهم .. فهل يعتبر أردوغان وحزبه؟.
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 3-4-2019
رقم العدد : 16947