لم يستكن السوريون يوما عن مقارعة قوى البغي والعدوان عبر تاريخهم النضالي المجيد، وفي كل مرحلة كانوا يسطرون أروع الملاحم في الصمود والتصدي لكل المخططات الهادفة للنيل من سيادتهم ووحدتهم، واليوم يستكملون مسيرة كفاحهم الوطني بالوقوف صفا واحد ضد البلطجة والغطرسة الأميركية، التي تسعى من خلالها إدارة ترامب للتعويض عن هزيمة مشروعها الإرهابي بمحاولة شرعنة احتلال الكيان الصهيوني الغاصب للجولان الصامد.
من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، أقسم السوريون على استرجاع الجولان، وكل شبر أرض محتل، سواء من الإرهاب، أو من أي قوات أجنبية غازية ومحتلة.. والوقفات الاحتجاجية، والمهرجانات التضامنية التي تغص فيها ساحات الوطن، أكبر دليل على أن قرار ترامب جاء على عكس أوهام واشنطن وحكومة العدو الصهيوني، لأنه سيعجل بتحرير كامل الجولان المحتل، مثلما تحررت العديد من المناطق من رجس الإرهاب الوهابي التكفيري، بفضل تضحيات الجيش العربي السوري، الذي لن يحيد بوصلته القادمة قيد أنملة عن استرجاع الجولان، بحال استنفدت كل الوسائل القانونية، واستمر المجتمع الدولي في تمنعه عن تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
السوريون يقولون كلمتهم اليوم، لعل العالم يصحو من سباته، فرغم أن قرار ترامب لا قيمة ولا وزن له بنظر السوريين، ولكنه صفعة مدوية على وجه العالم بأسره، لأنه شاهد إثبات حي على مدى الازدراء الأميركي للشرعية الدولية، وتأكيد واضح على أن أميركا لا تقيم أي وزن للأمم المتحدة، وكل هيئاتها الدولية، وهذا ما يضع الهيئة الأممية أمام تحد تاريخي غير مسبوق، باعتبارها الضامن الأول لصيانة السلم والأمن الدوليين، فإما أن تتصدى بقوة وحزم، ،وإما أن تكون شاهد زور ارتضت التموضع في خندق التبعية الأميركية، من دون الاكتراث لمصائر العديد من شعوب الدول التي تئن تحت وطأة العنجهية الأميركية، وفي هذه الحالة لن يبقى أمام تلك الشعوب سوى خيار القوة لاستعادة حقوقهم المشروعة.
صحيح أن أغلبية الدول عبرت عن رفضها الواضح والصريح لقرار ترامب، ولكن الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك للوقوف في وجه البلطجة الأميركية.. يحتاج مساءلة حقيقية وجدية للحد من العواقب الخطيرة التي تخلفها السياسات الأميركية المعتمدة على القوة الغاشمة في العديد من دول العالم، وإلا فإن الشعوب هي من ستقول كلمتها، مستلهمة العبر من صمود السوريين وتضحياتهم.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 3-4-2019
رقم العدد : 16947