عندما عجزت أميركا عن تحقيق أي تقدّم عسكري في سورية من خلال إرهابييها، لجأت إلى الحرب الاقتصادية والعقوبات وتوسيع دائرة الحصار، واليوم تلتف على ذاك العجز بتحويل الأنظار عن تلك الهزائم والإخفاقات عبر الدخول من بوابة الجولان السوري المحتل، لإشغال الرأي العام بالقرار الجائر الذي اتخذه رئيسها دونالد ترامب، والدخول على خط حملة بنيامين نتنياهو الانتخابية لتعديل كفتها الخاسرة، ثم توجيه البوصلة إلى مواضع أخرى، تظن واشنطن أنها سوف تحقق فيها الغايات التي لم تستطع الوصول إليها طوال السنوات الماضية.
إعلان الولايات المتحدة عن سياستها الرعناء في سورية، وذلك ابتداءً من الرسائل الغامضة إلى جميع الحلفاء والأصدقاء وحتى الأتباع، ثم الأعداء والخصوم، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها باتت تدور في حلقة مفرغة، وهي اليوم في أسوأ حالاتها، وخاصة أن ترامب يريد الهروب من أزماته الداخلية، وتوجيه سهام هيجانه بشكل عشوائي وفي جميع الاتجاهات، متناسياً أن الجولان عصي على إرهابه وطغيانه، وسوف يتم تحريره لأنه حق سوري لا يمكن التنازل عنه.
النهج الأميركي الإسرائيلي يؤكد ما هو معروف لدى العالم برمته، بأن الطرفين لا يقيمان وزناً للحق والشرعية، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الصهيونية، وأن الغطرسة والمكر والتلوّن هي سبل معتمدة يستخدمانها لتحقيق الغايات المبيتة لديهما، وخاصة أن ترامب انقلب بشكل غير مسبوق على سياسة بلاده التي رفضت طوال العقود الماضية الاعتراف بضم أراضي الغير بالقوة، على الأقل ظاهرياً، وهذا يؤدي بالنتيجة لخلاصة لا تقبل الشك بأن المذكور أغلق جميع الأبواب لأي تسوية سلمية قد تنهي الصراع العربي الإسرائيلي، وتنهي مسألة احتلال الكيان الصهيوني لأي أراض عربية.
منذ بدئها وأتباعها الحرب على سورية، وأميركا تنهج سياسة مرتبكة ومتذبذبة وغامضة، ولهذا لم يعد مستغرباً أي إجراء يتخذه ترامب أو قد يتخذه لاحقاً، أو يؤازر فيه من سبقه، وحتى من يعقبه، مادام هاجس واشنطن هو دعم المشاريع الصهيونية التوسعية وحماية أمن الكيان المزعوم، في الوقت الذي توقّع فيه سلفاً على جرائمه بحق الفلسطينيين، وفوق ذلك تسعى جهدها لتوسيع سيطرته على الأراضي العربية التي يحتلها ويغتصبها أصلاً، حيث تريد من وراء ذلك طمأنة وكلائها بأنها مازالت متمسّكة بتلك السياسة العرجاء الهوجاء، وأن فكرة القطبية الواحدة ما انفكت تدغدغ غرائزها.
من سورية إلى فنزويلا بالإضافة لعدد من الدول المناهضة لمشاريع السيطرة الغربية ولتلك القطبية، تحاول أميركا السيطرة على حكومات تلك الدول من خلال الفتن وحياكة المؤامرات، متجاهلة أن يدها سوف تبقى قاصرة، بل مبتورة ولن تحقق بالنتيجة خلال الساعات الأخيرة ما لم تحققه خلال سنوات.
كتب حسين صقر
الجمعة 5-4-2019
الرقم: 16949