أضاءت احتفالية مكتب سورية لمنظمة الصحة العالمية بدمشق بحضور السيدة إليزابيت هوف الممثل المقيم لتلك المنظمة في سورية، والدكتور فادي قسيس مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، حقائق كثيرة مهمة جداً عن واقعنا الصحي، ولعل أكثر ما لفت انتباهي إشادة السيدة -هوف- بتقدم البنية التحتية للخدمات الصحية في سورية ما جعل الإغاثة أيسر على الرغم من التدمير الناجم عن الحرب، ووفر إمكانية أفضل للتعاون الوثيق ما بين مكتب المنظمة في سورية ووزارة الصحة السورية.
أبهج هذا الكلام د.قسيس وحفزه على سرد ما بذل من جهود جبارة لمواجهة آثام الإرهابيين، إذ تم إعادة بناء ١٩٠ مركزاً صحياً و١٧ مشفى، إلى جانب حملات التلقيح والقضاء على شلل الأطفال، وتقصي الاحتياجات عبر امتلاك مخابر مرجعية بمعايرة اليود في البول والترصد البيئي.
إذ سمعنا باليود استفسرنا عن الملح وكشف الرد عن قضية كبرى يجب الاشتغال عليها، فلقد اتضح لوزارة الصحة أن ٦٢،٣% من الملح المتداول في سورية ليس (ميودناً) أي خال من اليود، وهذا خطير جداً إذ يعني أن ٣٨،٧% من السوريين فقط يحصلون على اليود علماً أن نقصه يتسبب في قصر القامة بشكل أساسي إلى جانب أن هذا النقص مؤهب لأمراض كثيرة (استناداً لدراسة قديمة أنجزها د.سميرعويس أثبتت وجود عوز يود شديد لدى السوريين في ثمانينات القرن الماضي لقلة تناولهم للأسماك ما قاد إلى إضافة اليود إلى الملح منذ ذلك الحين)، بيد أن الحرب الكونية على سورية منعت عبر الحصار الشامل وصول واردات سورية من اليود، وتوفر لنا المنظمات الدولية الإنسانية ثلاثة أطنان فقط في السنة ونحن بحاجة الى ثمانية أطنان.
أغلقت وزارة الصحة -مشكورة- ٧٠% من ورشات تعبئة الملح المغشوش المكتوب عليه (ميودن) وهو ليس (ميودناً). بعد تحرير منجم التبني لإنتاج الملح في دير الزُّور توفرت فرص أكثر لتسويق ملح (ميودن) ضروري جداً صحياً ولا سيما أن حصة المواطن السوريين من السمك ١٠٠ غرام في السنة….! ومن الضروري تعبئة الملح (الميودن) في أكياس كتيمة غامقة وبيع الأصلي في الصيدليات وصالات ومجمعات السورية للتجارة وصالات المؤسسة الاجتماعية العسكرية وهي منافذ حكومية لا تغش. ولتكن قصة غش الملح وسبل التغلب عليه، بدءاً من المصنع وأكياس التعبئة ومنافذ البيع الموثوقة، نبراساً لنا في كبح جماح الغش المتفاقم وآثاره الصحية الضارة جداً.
أروقة محلية
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954