لعل أهم التحديات التي تواجه الدولة السورية في الوقت الراهن يتمثل في تأمين السكن المناسب بأسعار تتناسب مع دخل السوريين التي أثرت فيها ظروف الحرب والحصار والعقوبات أحادية الجانب.
وعلى الرغم من قدم هذا التحدي منذ ما قبل سنوات الحرب على سورية إلا أنه اليوم أكثر صعوبة وتعقيد وخاصة مع فقدان أعداد كبيرة من المواطنين لمنازلها جراء استهداف الإرهاب، وعليه فإن المعالجة الحالة التي فرضها الواقع الجديد بحاجة لحلول خلاقة وغير تقليدية كما أنها بحاجة أيضا لجهات قادرة على تنفيذ كم كبير من المساكن بكلف ليست عالية.
ربما كان أحد الحلول التي نبحث عنها يتمثل في ما تداولته وسائل الإعلام مؤخرا عن إبرام المصرف العقاري ومؤسسة الإسكان العسكري اتفاقيّة لتمويل مشروع إسكاني متكامل في كافة المحافظات السورية.
وحسب الاتفاقية سيقوم المصرف العقاري بمنح مؤسسة الإسكان العسكري قرضا قيمته 4،5 مليارات ليرة سورية ومدته 10 سنوات، بهدف إنشاء ضواحٍ سكنية لذوي الدخل المحدود، أو ما يُعرف بـ «السكن الاجتماعي» وبما يلبّي احتياجات شريحة واسعة من طالبي السكن.
مصادر المؤسسة والمصرف أكدت أن الغاية من المشروع غير ربحيّة وسوف يُصار من خلاله إلى تأمين شقق سكنيّة بمساحات مختلفة بسعر الكلفة وتجسيد الدور التدخلي الفاعل للحكومة وأذرعها المتخصصة في سوق الإسكان.
المصرف العقاري يعد من أكبر المصارف المتخصصة ذات الثقل على المستوى المحلّي في مجال التمويل والإقراض السكني، ولديه باع وخبرة واسعة في هذا المضمار مكنته من لعب دور كبير في توازن السوق.
أما مؤسسة الإسكان العسكري فهي أكبر شركة إنشائية متخصصة في التشييد وإنشاء الضواحي السكنيّة يتسم أداؤها بسرعة الإنجاز وجودة التنفيذ.
فمن منا لا يتذكر إنجازات مؤسسة الإسكان العسكرية التي مازالت راسخة حتى اللحظة في مختلف أنحاء سورية بدءا من المشاريع السكنية ومرورا بالصوامع والحبوب وليس انتهاء بمشاريع العقد والجسور والأنفاق التي نفذتها ملتزمة بالمدد العقدية المحددة ناهيك عن المشاريع التي نفذتها خارج الحدود مثل روسيا والسودان وليبيا.
اليوم وبعد أن تم تأمين التمويل لهذه المؤسسة التي لطالما عانت من نقص السيولة لديها ووصلت لدرجة التعثر في تسديد أجور موظفيها أعتقد أنها أداة مثالية لتنفيذ تلك الحلول الخلاقة التي نتحدث عنها بدليل أنها وعلى الرغم من تعرض مقراتها للتدمير والاستهداف إلا أنها سجلت عودة سريعة لتكون نموذجا ناجحا ومصغرا لإعادة الإعمار.
باسل معلا
التاريخ: الجمعة 12-4-2019
الرقم: 16955