هل يمكن لفتى عاش البؤس والحرمان أن يحلم بعد إخفاقات الفكر أن تمضي به الأحلام إلى بلاد العم سام.. وماذا سيفعل هناك هل هو الفنان الذي طبقت شهرته الآفاق..؟
لماذا يفرد جناحيه محلقا إليها الم يقرأ ما كتب عنها.. ماقاله الكتاب والمبدعون ألم يسمع شاعرا ملأ المنابر ذات يوم هنا وهو يقول: اميركا الوسواس اميركا الخناس واليها يحج الناس.. أو ألم يقرأ ما كتبه ادونيس عن نيويورك كمدينة صانعة للموت وكذا فعل اكثر من شاعر ومفكر والكاتب نفسه أعاد الامر نفسه باسلوب روائي جديد يحسب له في المشهد الروائي السوري..
أسئلة ربما يطرحها القارئ من القابون إلى نيويورك ولكن الطرح يفقد قيمته اذا كنت قرأت الأجزاء الثلاثة لتجد أن الجناحين اللذين قاداه إلى هناك هما من نسغ زيتون القابون الجسد موثوق بأغلال الهوية الوطنية.
والطيران ليس الا تحليقا يكاد يكون مكابدة صوفية.. بل هو كذلك من غرق التفاصيل اليومية إلى تشظ الروح التي تحن إلى كل ما في الوطن ألم يكن الحنين نهرا دمشقيا حين كان البطل يغادر الوطن بعد تغيير المدير الشريف وراءالسراب.
هناك في بلاد العم سام حيث العيش تحت سقف القانون الا انه عالم كاذب مخادع لصوصي.. يبحث البطل عن انتماء عربي ويجده لكنه يكتشف أن كل العيوب التي كانت هنا نقلت إلى حيث هم.. كره حقد.. ويفر منها لئلا يغسل يديه مما تبقى لديه من عروبة الفقر وثلاثية الحرمان دفعت الكثيرين لان يغامروا ظنا منهم انهم سوف يكنسون الذهب الفنان يحلم بمعرض الكاتب الشهرة.. كل له حلمه وحين الوصول إلى المكان ثمة امر اخر كل شيء وهم فانت في بلاد تتقيأ الانسان تطحنه لا رحمة في قلبها.. الفنان يعمل صائدا للفئران وليس من مفر من ذلك.. لقمة مرة في الوطن نخجل من كل شيء وهناك نعمل ونكذب على الجميع يبدل العمل مرات ومرات وكل عمل اكثر مرارة من سابقه.. ولا خلاص من الواقع الا بالملاهي بالبحث عمن تشتري الجسد ليبقى في مستنقع العبودية.
في الرواية التي يبدو بطلها غاضبا على كل شيء في الوطن للوهلة الأولى.. فيها مقاربات شديدة الذكاء تسال وتلح تعرض وتقارن بين ما نحن عليه وما هم عليه دين حب جنس امرأة رجل علاقات.. والجواب يتركه لمساحة تفكيرك الحر اغتراب الروح والجسد يدفع البطل للعودة إلى أرض الوطن حاملا لوحاته التي لم يفردها هناك ولم يأبه لها أحد في الوطن تتغير الاحوال يتبوأ مكانا ما.. يمضي قدما لكنه يبقى ابن العمل كيف ولا وهو ابن الشيوعي.. الاب الحاضر في كل الرواية من غير طغيان بل يتسرب بلطف وحنان ليتحول في النهاية إلى بطل معرضه الذي تألق في الوطن.. ويسأل هل هي طفرة ثقافية استثمارية بالفن, ويسأل لماذا كل أبطالنا من غير المفكرين والمبدعين..
المعرض المؤجل يفتتح على أرض الوطن وكأن الكاتب يقول: لا قيمة ولا كرامة لأحد خارج وطنه والعين بعد فراقها الوطنا لا ساكنا الفت ولا سكنا لان تجار اللوحات التي تزين الفلل هي التي تباع وتشترى في العودة إلى الوطن الاب والام والفة الجيران وكل بساطة الحياة هي النبض والنفس والنسغ الام التي تقضي بحادث سير والأب الذي يروي للابن الكثير عن الحب والحنان.. وكأنهما جناحاً الوطن وهل من وطن الا من ام واب.
وفي مرايا النص والقراءات الأخرى تبدو القدرة على توظيف الثقافة لتكون مدماكا في بناءرواية ثرة يذهب بطلها إلى ما وراء ليكتشف كم هم يكرهوننا وكم هي اميركا مخاتلة كاذبة.
وبقي أن أقول شغلت وشغفت بهذه الرواية التي لا تشدني إلى مؤلفها اي صداقة ولا منفعة ولم التقه بحياتي وحتى يوم كان وزيراً والناس تتقرب لكني لم أفعل.. الرواية بثلاثيتها جديرة بالنقاش ويطرح أسئلة متفجرة على الكاتب لكن ليس هنا.. نعم طرح أسئلة كبرى فقد كان بموقع من يقرر.
دائرة الثقافة
التاريخ: الأثنين 15-4-2019
رقم العدد : 16957