توافر مادة الغاز المنزلي – أسطوانات الغاز- مثال مهم عن مسائل تموينية جوهرية مثل: توافر المواد والسوق السوداء والأداء المنضبط.
ولا يتبدى ذلك إلا إبان الظروف الصعبة والأزمات الحادة، وإذا أخذنا أسطوانة الغاز في دمشق على سبيل المثال نجد أنها قد دخلت في أزمة حادة منذ نهاية العام الماضي بسبب الحصار الاقتصادي، ما حفز عمالنا على بذل جهود جبارة لزيادة استفادتنا من غازنا الطبيعي لتوفير ٥٠% من احتياجاتنا من الغاز المنزلي.
ومثلما تعرضت حقول النفط السورية للتخريب والنهب والقرصنة على يد الإرهابيين فهبط إنتاجنا من النفط من ٣٨٥ ألف برميل في اليوم، إلى ٢٤ ألف برميل، رزحت حقول الغاز السورية للمعاناة ذاتها وتناقص إنتاجنا من الغاز الطبيعي بحدة، ما يضطرنا إلى استيراد ٦٠٠ طن يومياً.
أمضينا ثلاثة أشهر من هذا العام مع صعاب حادة للحصول على أسطوانة غاز وارتفع سعرها في السوق السوداء إلى أرقام غير مسبوقة إلى أن تحسن الطقس وازداد الدفء فرجعت شاحنات الغاز إلى الأرصفة وترافق ذلك مع تطبيق البطاقة الذكية على توزيع الغاز في دمشق، فتوفرت أسطوانات الغاز بيسر وسهولة مذهلة.
ما أرقى البطاقة الذكية والتوزيع الحضاري بوساطتها دون ازدحام.
لم تدم فرحتنا طويلاً، رجع البرد بحدة غير مسبوقة في نيسان، برد شديد فاق مثيله في الكانونين وشباط، فإذا بشاحنات الغاز تختفي مرة ثانية، منذ أكثر من عشرة أيّام، على الرغم من إنتاج ٤٠ ألف أسطوانة في اليوم، وهو رقم مهم جداً وكاف.
الحل الدائم للغاز بشكل خاص – نظراً لصعوبة حمل الأسطوانة، توفير مراكز توزيع ثابتة بما يتلاءم وعدد السكان، في الأرياف أو المدن وحاراتها. لا يجوز ترك المواد الأساسية لمزاج موزع، إن الغاز للبيوت كالبنزين للسيارات، فلماذا نوزع هذا في محطات ثابتة وكثيرة بينما ذاك -أي الغاز- نعهد به لموزع واحد في منطقة سكنية ضخمة، على أمل أن يغطي المنطقة بشاحنات لكنه لا يفعل إلا في حال الكساد فهل نردد (بس يا برد) أم نؤسس لحضارة ويسر توزيع الغاز المنزلي في جزء من صالات السورية للتجارة أو في محطات بحجم تلك الصالات على الأرصفة العريضة.
لا يجوز كلما اشتد البرد أن يغيب الغاز فيهرع الناس إلى الكهرباء لا للتدفئة وحسب بل للطهي وتحضير الشاي أو القهوة.
أروقة محلية
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 25-4-2019
رقم العدد : 16964