لا يتوقف العدوان الأميركي على سورية عند حدٍّ معين، فكلما فشلت حملة عدائية يتم الانتقال إلى مرحلة أخرى، تحمل شكلاً جديداً وآلية تنفيذية تحاول من خلالها تجاوز الأسباب التي حالت دون تنفيذ تلك الأهداف.
وإن كان الاستثمار في الاٍرهاب أولى الخطوات العدوانية مع ما رافقها من تطوير لآليات العدوان بدءاً من تنظيمات القاعدة والنصرة وصولاً إلى داعش والتنظيمات المتفرعة عنها، فقد كانت التهديدات والاعتداءات مرحلة وسطى سبقت العدوان الراهن المتمثل بالضغط الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي في آن واحد، فالصمود الأسطوري عسكرياً واجتماعياً واقتصادياً أذهل الغرب الاستعماري والعدو الصهيوني لتبدأ مرحلة العدوان السافر الذي يستهدف حياة المواطنين ومعيشتهم بصورة مباشرة.
ولم يقتصر الشكل الجديد من العدوان على سورية وحدها، بل ترافق مع توسيع دائرة الحصار وفرض العقوبات والتهديدات على دول محور محاربة الإرهاب بدءً من الاتحاد الروسي وصولاً إلى إيران فضلاً عن التهديدات الوقحة للدولة اللبنانية للضغط على الحكومة لإخراج حزب الله من دائرة الفعل السياسي الوطني المقاوم.
وربما يقف المراقبون طويلاً أمام ارتدادات حالة الحصار الاقتصادي المترافق مع إطلاق التهديدات لجميع دول العالم فيما إذا نفذت تعاملات اقتصادية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال النفط والغاز، مستهدفة خنق إيران اقتصادياً ومنعها من إيصال بترولها إلى سورية، الأمر الذي يؤشر للدخول في مرحلة شديدة الخطورة أساسها الضرب بميثاق الأمم المتحدة عرض الحائط، وتنفيذ شريعة الغاب بأسوأ وأبشع أشكالها، وهو ما يؤسس للدخول في مرحلة مواجهة أكثر حسماً وتصميماً على توظيف حالة الصمود والانتماء الماضية كأساس للمواجهة الجديدة مع ما قد يرافقها من احتمالات للصدام المباشر مع قوى البغي والعدوان ذاتها، بعدما سقطت ورقة المجموعات الإرهابية، واستنفدت أسباب وجودها.
وتتداخل اليوم عوامل السياسة والاقتصاد والعسكرة والاستخبارات والإعلام والحرب النفسية في محاولة للتأثير في ذهنية ونفسية المواطن السوري، وذلك أمر لن يتحقق أبداً، ذلك أن جميع الدراسات والبحوث التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية والموساد وأجهزة الاستخبارات الغربية الاستعمارية لم تتوصل إلى اكتشاف سر الصمود والثبات، وهو ما سيبقى جوهر سورية الموعودة مع النصر.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 29-4-2019
رقم العدد : 16966