ملحق ثقافي.. عقبة زيدان;
يتجاوز ميشيل فوكو الأيديولوجيا، ويعلن عن قدرة العقل في إعادة اكتشاف أنظمته المعرفية. ويعد كتابه «الكلمات والأشياء» تحولاً في الفكر الغربي ومرجعاً لا يمكن إهماله في فلسفة الحداثة. إضافة إلى أن هذا الكتاب يطرح فكرة المغامرة الشخصية للإنسان لخلق أسطورة الكلمات والأشياء الخاصة به.
يؤكد فوكو أن اللغة طبيعة مقطعة ومقسمة ضد نفسها ومتغيرة وقد فقدت شفافيتها الأولى، ولكن على السطح تطفو العلامات التي يمكن فك رموزها.
الأسماء – حسب فوكو – وضعت على ما كانت تشير إليه، أي أنها خلقت بسبب التشابه. ولم تنفصل اللغات عن بعضها البعض، إلا بعد أن أزيل هذا التشابه بالأشياء، وكان هذا هو السبب الرئيس في وجود اللغة. لم تعد اللغة تشبه الأشياء التي تسميها مباشرة، ولكنها بقيت مرتبطة بها، وهو ما جعلها موطن الأسرار الذي تُختزن فيه الحقيقة.
افتتح فوكو أفقاً جديداً غير مسبوق لعمل الفكر، وبهذا فقد جعل الفلسفة تنظر في مشكلاتها ولغتها. أعاد الحفر في الخطابات لكي يرى ما الذي تستبعده وتحجبه. حاول تفكيك بنية الخطاب متجاوزاً ثنائية الصح والخطأ والعقلي وغير العقلي، نحو ثنائية جديدة كلياً في الفكر الفلسفي، وهي ثنائية المفكر فيه وغير المفكر فيه. وهذه الحفرية الجديدة كانت تهدف إلى الكشف عما يتستر عليه العقل وما ينطوي عليه من الجهل.
وبالنسبة إلى الأخلاق، فقد ميز فوكو بين الأخلاق بوصفها قواعد يرتهن لها الإنسان وينفذها، وبين الأخلاق كمشروع يتم ابتكاره ويتعامل معه الإنسان كفن من فنون الوجود.
خلقت حفريات فوكو مفاهيم جديدة عبر نحت مصطلحات طازجة، تغير بعدها التفكير الفلسفي على مستوى العالم.
التاريخ 14-5-2019
رقم العدد:16977