رغم استمرار الاستعراض العسكري الأميركي التصعيدي في مياه الخليج على نية إرهاب وتخويف إيران، إلا أن التصريحات الأخيرة القادمة من البيت الأبيض وبعض العواصم الدائرة في فلكه بدأت بالتخلي عن لغة التهديد والحرب والبحث عن لغة بديلة بمصطلحات مختلفة، تأخذ بالاعتبار متانة الحالة الإيرانية في التعاطي مع الأزمة الحالية، وصلابة المسؤولين الإيرانيين في الدفاع عن حقوق شعبهم وبلدهم وعدم انصياعهم للتهديدات الرعناء التي تصدر بين الحين والآخر عن «صقور» الإدارة الأميركية المرتبطين كلياً بالكيان الصهيوني.
هذا التراجع في المواقف والتصريحات الأميركية قد يكون مرده الخشية من التداعيات الكارثية التي قد تنجم عن أي مواجهة عسكرية في الخليج، مع قدرة إيران على تحويل التهديد إلى فرصة وإيلام خصومهاً في عقر مصالحهم الحيوية، حيث كشف حدثا الأسبوع الماضي عن هشاشة الوضع الخليجي وعدم قدرة أدوات أميركا على حماية أنفسهم ومصالحهم من غضب الشعب اليمني المظلوم، وقد يكون مرده الرغبة في تجريب أشكال جديدة من الحرب الناعمة ضد الشعب الإيراني لتأليبه ضد حكومته وقيادته، بهدف نقل المعركة إلى الداخل الإيراني، إذ سبق لمسؤولين خليجيين أن لوحوا بمثل هذا الخيار، وبالمطلق لا يمكن الركون إلى هذا التراجع في التصريحات والقياس عليه لتوقع تسوية تفاوضية تسحب فتيل التوتر والانفجار.
بحسب بعض المصادر المطلعة ثمة مسؤولون أميركيون يجلسون بالقرب من الهاتف بانتظار اتصال الإيرانيين من أجل التفاوض مجدداً، لكن هذا لم ولن يحدث، لأن الإيرانيين لا يثقون بترامب بعد قائمة النقائص والحماقات التي أقدم عليها منذ بداية ولايته، وإذا كان هناك من سبيل لإنزاله عن شجرة غروره وعنجهيته فليس أمامه سوى العودة للاتفاق النووي الذي أخذ وقتاً طويلاً في التفاوض قبل إنجازه، والالتزام بكل ما جاء فيه، وإلا فإن الجلوس بالقرب من الهاتف سيهدر وقت الأميركيين والعالم من دون جدوى.
الوضع في منطقة الخليج مقلق للغاية، حيث بإمكان أي شرارة طائشة أن تشعل النيران فيه، ولا مخرج من هذا الوضع المتأزم إلا بقيام التحالف السعودي بوقف حربه العدوانية على اليمن والاتصال مباشرة بطهران للتفاوض حول كل الملفات العالقة، قبل أن تتمكن جهة ما من إشعال الشرارة الأخطر..؟!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأثنين 20-5-2019
رقم العدد : 16981