من قال إن بناء جسور الثقة بين المواطن والمسؤول -على اختلاف درجته الوظيفية- يحتاج فقط إلى زيارات ميدانية ولقاءات مكتبية وتصريحات صحفية ووعود طنانة ـ رنانة لا يعرف المسؤول نفسه ما إذا كانت الحلول السحرية التي سبق وأن أطلقها وأخرجها في قالب نموذجي -من وجهة نظره طبعاً- قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
العلاقة بين المواطن والمسؤول لا تقوم فقط على إصغاء الأخير للمشكلات والتحديات والهموم والمنغصات التي تواجه المواطن، وتسطير ملاحظاته، والوعد بتذليلها، وإنما على الشراكة الحقيقية الاستراتيجية مع المواطن الذي يتمتع كما المسؤول برؤية واضحة ويمتلك درجة عالية من الوعي والإدراك والمسؤولية الكاملة غير المنقوصة لما يجري حوله داخلياً وخارجياً، أما الشفافية والتزويد بالمعلومة -بعيداً عن رفع سقف التوقعات وإطلاق العنان للأمنيات- فهي الخطوة الأهم على طريق بناء تواصل فاعل مع المواطن الذي لا يريد ولا يرضى ولا يقبل من شريكه الحكومي التنفيذي إلا الحقيقة ولا شيء إلا الحقيقة التي تنتفي معها وتزول كل الشائعات والتسريبات (والدسات) وإلى غير رجعة.
وهذا ما يتعطش إليه الشارع اليوم أكثر من أي وقت مضى، كون الهجمة الخارجية علينا شرسة، وعليه فإن إعادة بناء أو لنقل ترميم هذه العلاقة في بعض لا كل جوانبها لا تحتاج إلى دعائم وركائز قوية ومتينة وعميقة فقط، وإنما إلى استراتيجيات عالية المستوى ودراسات عميقة ورؤى ثاقبة لا مثقوبة وتصورات واضحة لا ضبابية أو مبهمة لخريطة الطريق الخاصة بآلية اتخاذ القرار وأسباب ومبررات صدوره والمعالجة التي تقوم على رسم وتنفيذ برامج اقتصادية وخدمية ومعيشية ووضع الحلول والبدائل لتذليل وتجاوز أي طارئ أو عارض ونشرها للعلن بكل جزئياتها وتفاصيلها الجوهرية منها والثانوية ليكون المواطن أول لا آخر من يعلم، بالشكل الذي يمكن معه تسريع وتبسيط الحل في الأزمات والحالات الطارئة لا تعقيده.
العلاقة بين المسؤول والمواطن يجب ألا تكون إلا تشاركية ومن نوع خاص جداً، قائمة على المكاشفة والمصارحة، فالمسؤول موجود لخدمة المواطن، والمواطن من حقه مقابلة المسؤول والاستماع له ولملاحظاته وآرائه والحصول على خدماته بأسرع وقت دون إبطاء أو تأخير، عداكم عن المعلومة والحقيقة التي يجب أن تصل إليه (أول بأول) عبر القنوات الرسمية لا الالكترونية (الفيسبوكية).
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 20-5-2019
رقم العدد : 16981