«هناك حيث لافجر ولاشمس، بل هواء فاسد وجدران رطبة داكنة، وضوء شاحب يتسلل عبر النافذة الضيقة في أعلى الجدار.. حيث الزمن توقف عن الحركة، أيقظه من تأملاته صوت النادل..»
يبدو الكاتب صالح سميا في مجموعته القصصية»خريف رجل يحتضر» الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يغوص في عالم يشوبه الحزن واليأس بعد أن تغيرت نفوس الناس وأصبحت أكثر قسوة حتى بدا المحيط من حوله مقفرا إلا من بعض الأحزان التي بدأت تعم المدينة، المدينة التي خلعت عنها عباءة الفرح لتعيش واقعا مريرا في ظل الحرب ومابعد الحرب عنوانه الدمار والخراب والجريمة.
ويلجأ في بعض قصصه إلى الرمز والابتعاد عن المباشرة في التعبير عن الحرب التي تعرضت لها سورية وماخلفته هذه الحرب من دمار وكيف تعاملت الفضائيات مع هذا الحدث المريع»محطات إخبارية تجندت للإعلان عن مدى مايصيب هذه المدينة من تدمير وتخريب بفعل هذه العاصفة الهوجاء القادمة من الجهات كلها، وأكد فلكيون بأن الرياح القادمة من الغرب تحديدا مهلكة وقاتلة..»
ولكن رغم هذه الرمزية اللافتة في بعض نصوص المجموعة، إلا أنه حافظ على سهولة ألفاظه وسلاسة عباراته، ليتمكن المتلقي من قراءة النص والاستمتاع بلغة تجمع بين البساطة والعمق في آن.
وتشي عناوين قصصه الثلاثة عشر بالألم الذي يكابده من جراء تغير بعض النفوس وتوحشها فنجده يقول على لسان الشاعر الضرير في قصة»شطحات كاشف السر» إذا التقيته ذات يوم قل له إن الشاعر الضرير يقول لك، أيها الكائن الهلامي الذي تبدل شكله واستبدل جلده، حاول أن تهذب شفتيك وتلجم لسانك وتقطع ذيلك وأذنيك ولتكن أكثر فطنة وتواضعا، لم أرك قط، ملعون الزمان الذي جاء بك..»
وعندما يسود القبح، ويتضاءل التواصل بين الناس، ويضيق الفضاء بنا، تحاول المجموعة أن تجيب عن سؤال صارخ:
هل نحن في حلم أم في معرض فنان تشكيلي مجنون يعمل على تشويه الشكل البشري؟
والمجموعة القصصية»خريف رجل يحتضر» هي الرابعة للقاص صالح سليمان سميا الذي يحمل إجازة في الدراسات الفلسفية والاجتماعية وصدر له» الرجل الذي تحول إلى صحراء، الصمت، نهاية الدروب المغلقة، الدوامة.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الاثنين 27-5-2019
رقم العدد : 16987