يختلف الناس في طقوسهم وموقفهم من العيد، وكثيرون يتجاهلون قدومه رغم أنه حدث يمكن أن نحوله بقليل من التفاؤل إلى عالم جميل يقتحم حياتنا ليرسم فيها مساحة من الضوء في ظلمة وقسوة الحياة التي تأبى إلا أن نتجرع فيها غصص الحياة وآلامها.
وكثيرون أيضا لايتذوقون تلك النكهة الجميلة التي كانت تضفي السعادة والفرح في السابق من الأيام حيث المحبة والسكينة، ذاك الزمن الجميل الذي يفتقدونه بكل مايحمله من ذكريات جميلة، بينما يصارعون اليوم تلك النفوس التي شوِّهت وباتت شاحبة لالون لها ولاطعم، بل وقد تبلدت المشاعر فيها حتى لتكاد تنتمي إلى عالم الجمادات التي لاروح فيها.
ولكن لو نظرنا بعين العقل والتفكر، لوجدنا أنفسنا جزءا من هذا الحاضر المشوه وربما أيضا نساهم في تشويهه بقصد أو بغير قصد، فلماذا نلقي باللوم على الآخر ونحن نملك من الأدوات مايجعلنا نحيل صحراء تلك النفوس إلى ربوع غناء تنضح بالمحبة والعطاء، وجميعنا معني في هذا الوطن أن نعيد بناء النفوس التي تهشمت وتبعثرت في ظل تلك الحرب التي كادت أن تودي بنا إلى مهاوي التلاشي والانهيار.
يأتي العيد هذا العام وقد تعافت البلاد وعادت لتنهض من جديد، وجنودنا البواسل مستمرون في تطهير ماتبقى من المناطق التي يعيث فيها العدو تخريبا وتشويها، فلنكن عونا لهم، نساندهم ونقف إلى جانبهم في تكريس معنى الانتماء والمحبة والتعاون من أجل أن نعيد بناء الوطن بشرا وحجرا، وليكن العيد بما يحمله من معاني الخير والأمل يجعل القادمات من الأيام هي الأجمل، وليزهر الأقحوان احتفاء بدم الأبرار الذين ضحوا ورووا تراب الوطن بطهر دمائهم الزكية.
إنه صوت العيد الذي يصدح في النفوس أغنية حب وفرح لأجل بسمة طفل عانق ملابس العيد وعاش حلمه الجميل بالحلوى والأرجوحة وشغب الأطفال البريء، وصوت العيد لكل أم عاشت معنى أن تفخر بأنها أم الشهيد، وقبل كل شيء إنه صوت العيد لشعب عرف معنى الصمود في وطن البطولات السرمدية الخالدة.
كل عام وأنتم بألف خير.
فاتن احمد دعبول
التاريخ: الثلاثاء 4-6-2019
الرقم: 16993