ومازال البحث جارياً..!

 ملحق ثقافي..فاطمة أبو شقرة:

انطلقت بسيارتها في السادسةِ صباحاً متوجهةً إلى عملها. تعبرُ الطريقَ، وأغصانُ الأشجارِ تتمايلُ ربما احتفالاً بمرورها، أو ابتهاجاً بلحظات النورِ المنتشرةِ حولها. كل ما في السيارةِ صاخبٌ: الموسيقا، حركةُ أصابعها على المِقوَد، اهتزاز القدمين، انطلاقةُ العينين. فجأة وبلا مقدمات وعند أحدِ المفارقِ صَرَخَت، لطمت خدها. نزعت السماعاتِ عن أذنيها، وبحركةٍ هستيرية أوقفت السيارة ثم عادت إلى الوراء قليلاً. رأتهُ مضرجاً بدمائه يتلوى على الأرض. لم تعد تميزُ أهوَ يصرخُ، أم ينادي ليشيرَ إلى الفاعل الذي كانت تنطلق سيارته إلى الأمام بسرعةٍ جنونيةٍ تفوق الحد المكتوب على الشاخصاتِ المرورية.
اقتربت منه، جراحه بليغة. احتضنته بكل قلق وخوف الكون، صدرُها العاري استحم بدمه الذي يتقاطرُ عليها وحولها.. كلها ترتجف وهي تتلمس رأسه، تعانقه، تهدئُ من رَوعِهِ تارةً تقبلهُ، وطوراً تتحرك أظافرها الطويلة الملونة تعزف لحن القلق على أزرار الجوال لتتفوه بعدها بكلماتٍ مرتعشة. أخرَجَت حقيبة الإسعاف وهي مجهزةٌ بكل ما يلزم لطوارئ الطريق، إلا أنها لم تستطع لإنقاذه سبيلاً. حضرت فرقة الطوارئ بسرعة ملحوظةٍ كما هي العادة في ألمانيا. بدا التعبُ أكثر على حركتِهِ وملامِحِه. أنينُهُ ازدادَ لكنه صار مكتوماً.. اقتربَ المسعفون منه، هز أحدهم رأسَهُ معلناً اليأسَ من بقائه على قيد الحياة. رَجَتهُم كثيراً لبذل المزيد من الجهد، أن يفعلوا أي شيءٍ من أجلِ تخفيف آلامه. ومن أحد رفوف سيارة الإسعاف تناول أحدهم ما يوحي أنها إبرة الرحمة. صرَخَت.. أبعدت يده بأصابعها المتشنجة، لكنه أصر على ذلك. أغمضت عينيها في تلك اللحظة كي لا ترى روحه ترتفع عالياً بعيداً عن أحبته. لحظات تناهى إلى سمعها صوت يقول:
لا تقلقي ستتكفلُ البلديةُ بإجراءات الدفن حسب الطقوس المتبعة وكما يليق به. أدارت مفاتيح سيارتها لتنطلق من جديد، ليس إلى العمل هذه المرة، بل إلى فريق مراقبة كاميرات الطرق لعلها تتعرف على ذلك الفاعل الأرعن، اللاإنساني الذي قتل ذئباً بلا رحمة..
توسمتُ بها خيراً، فرفعتُ لها صور آلافٍ من الأطفال والشباب، الشيوخ والنساء على حدود وطنٍ تطير رؤوسهم وأطرافهم.. تتبعثرُ قلوبهم، وذَنبُهُم أنهم زرعوا الوطن فيها. إنهم بحاجةٍ إلى صرخةِ ضميرٍ حي.. إلى نداءِ رحمة من أجل إنقاذهم..
ألقت الصور في الهواء و… مضت..
ومازال البحث جارياً..

التاريخ 4-6-2019

رقم العدد:16993

 

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً