عندما يكون الوطن هو البوصلة والانتماء لطهر الأجداد هو الوجهة، تعزف الكلمات سفر الخلود على قيثارة الوطن، والشاعرة زوات حمدو خبرت العزف على قيثارته وهي من عشقت ترابه ونمت وترعرعت في ربوعه، ومن هنا اختارت لمجموعتها الشعرية هذا العنوان الذي يشي بما يدور في خلدها من حب ووفاء لشهداء الوطن وشعبه الصامد في حرب ظالمة ألمت به وأصابته في غير جهة.
وجدت زوات حمدو في الشعر ملاذا قادرا أن يوصل صوتها وتعبر من خلاله عن مكنونات الروح تقول:
الشعر .. نداء الروح للروح، وهمس القلب للقلب، وسبر أغوار النفس في ملاعب الوجود
يجنّح الأحلام، يبدد يباس الروح، ويبعث النبض في الأوراق الذابلة
تطرح الشاعرة في مجموعتها الشعرية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب العديد من القضايا الإنسانية والوطنية بأسلوب بديع غني بالمفردات مايدلل على ثراء قاموسها اللغوي ولغتها الشفافة وهي الأنثى الطافحة بالأحاسيس الرقيقة، تتدفق كلماتها أحلاما إنسانية تنبض بالروح، تناجي أبناء جلدتها أن عودوا إلى وطنكم وماتقومون به هو ضرب من الجنون، وهذا الجحود لايليق بعراقة وطن يغفو على آلاف من السنين الماجدات، تقول:
قصيدة .. خميلة .. وارفة الظلال، أم، عطاء، جنة لاتعرف المحال، حبيبة .. وموعد، وأروع الغلال
وهمس موج هادىء .. للعشق والجمال .. الوطن عنوان وعنفوان للعشق والحياة
وحين نتجول بين سطورها ندرك كيف تستطيع الشاعرة أن تصوغ عباراتها دون تصنع أو تكلف، وكما يقولون» بلا نحت في الصخر يتعب ويرهق الذهن، وفي الآن نفسه لااستسهال ومباشرة، ونراها تعيش في أعماقها ماتعبر عنه دون زيف أو رياء لذلك يسم كلماتها الصدق والعفوية، فهي المسكونة بحب الوطن والحزينة لما ألم به من غزاة عاثوا به الخراب والدمار، في وقت يغفو فيه العرب عن واجبهم تجاه أبناء جلدتهم:
تسألني عن وطني، أقول لك، في وطني تشنق الأحلام والسحب، وتحرق الكتب، يجثم الهم على مقل الصغار
يادمعة الأقاح والتفاح، ياوجعي، ياوجع النايات، ياوجع القصيدة، ياقلق الرياح، أين العرب؟ أين العرب؟!
وتتنوع قصائدها بين شعر التفعيلة والشعر العمودي لتصوغ عالما شعريا متكاملا يجمع بين الحداثة والشعر التقليدي بأسلوب يجمع بين الألفاظ المنتقاة بعناية وبين المضمون الوجداني الصادق، فتنسج في ذلك أواصر صلة مع متلقيها يسعى معها ليمشيا دروب الحب والإنسانية معا ويعزفا على قيثارة الوطن لحنا سرمديا خالدا لايموت.
شاعرة مسكونة بالحلم والشمس، قصائدها متنوعة الأغراض، تفيض إحساسا صادقا، صورها الشعرية محفوفة بخيال مجنح واسع ينبع من محيطها وبيئتها، وصوت جميل في دوحة الشعر.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995