الحدّ الفاصل بين الشك واليقين، هي رؤية الأشياء، وملامستها بالعين والنظر، فعندما تحضر المشاهدة، لا يبقى أي داعٍ للاجتهادات في توصيف الحدث، أو الواقعة، ولا داعٍ بعد ذلك للركون إلى سماع الأحاديث من هنا وهناك لنقل ما حصل ويحصل، فالمشاهدة تتكفّل بإقالة كل طرق الإعلام والاتصال والمعرفة الأخرى أمام حجة الرؤية الأقوى والأشد بلاغة.
من هنا تأتي أهمية الجولات الميدانية للمسؤولين عندما يريدون أن يتفقدوا الأعمال لمشاريع خدمية أو اقتصادية، حيث تضعهم مثل هذه الجولات أمام مختلف المعطيات التي ستكون هي العناصر الدّاعمة لاتخاذ القرار الصحيح.
كما أن اعتماد المسؤولين على مجرد تلقّي التقارير حول هذا المشروع أو ذاك، والاكتفاء بالاستماع إلى آراء آخرين وملاحظاتهم، فإنّ هذا من شأنه أن يضع القرار الذي قد يتخذ – بعد الوقوف على التقارير المُعدّة من أجله – في مواجهة مخاطر الفشل لانتفاء الإحاطة بمختلف الجوانب جراء عدم الحضور ميدانياً.
ولذلك فإن أهم الأشياء التي يمكن أن تؤدي إلى سلامة مشاريع إعادة الإعمار، هي الجولات الميدانية لأصحاب القرار، ومن هنا يمكننا أن نعرف كم هي مهمة تلك اللجان الوزارية المٌشكّلة في كل محافظة، والتي نراها كيف تتابع ميدانياً المشاريع والأعمال، ولاسيما مشاريع إعادة الإعمار، وتقف على حجم تنفيذ الخطط الموضوعة.
وقد ساهمت هذه اللجان الوزارية فعلياً من خلال زياراتها الميدانية المستمرة إلى مختلف المحافظات، بزيادة منسوب الاهتمام من قبل مسؤولي المحافظات أيضاً، فقد انتهت عمليات متابعة المشاريع من وراء المكاتب، بل على العكس صار مسؤولي المحافظات أشدّ حرصاً على التقيد بالخطط وبالبرامج الزمنية وبجودة التنفيذ، لأن اللجنة الوزارية ستأتي وتقف على الحقائق، وليس من اللائق على أي مسؤول في محافظة ما أن يقف موقفاً محرجاً أمام اللجنة الوزارية التي ستأتيه بعد حين، لأنه فقط لم يتابع مشاريعه ميدانياً، فصاروا ميدانيين بامتياز، وبالفعل بدأت المشاريع الجديدة المندرجة في الجداول الأولية لإعادة الإعمار، تُسجّل نسب تنفيذ جيدة وسريعة، وبات المواطنون يلاحظون هذا الأمر فعلياً، وأمام أعينهم، فيزول الشك عندهم من أي كلامٍ آخر.
علي محمود جديد
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995