تقول الأغنية: «.. عثرت على الذهب في حطامٍ ووضعته في قلادة»..
إلى أي درجة يمكن لنا أن نبدع في أن نكون أنفسنا بعد كل حطامٍ نجتازه..؟
تذهب كلمات الأغنية إلى دلالات إيجابية نقطفها إثر كل موجة عاتية تعصف بنا.. ليس ذلك فقط، إنما يفترض أن نجعل من تلك التجارب القاسية وسامَ شرف يستحق أن نعلقه كقلادة لا وظيفة لها سوى تذكيرنا بمرارةٍ تجاوزناها.
وعلى ما يبدو يزداد ويتضاعف عدد قلائد نرتديها زمن الحرب.. شرط أن لا يغلبنا غولها بكل جبروت استطالاته.
ربما يكون «الذهب» في إيماءة الأغنية ليس إلا لقى ذاتية نعثر عليها في ذواتنا بعد مراراتٍ اعتدنا أن نلملم أنفسنا أشلاءً بعدها..
كل تلك العذابات، الويلات، التجارب، والمعارك، تتحوّل نهايةً إلى قلائد ذهبية غير مرئية..لا يلحظها سوانا..
وستكون دائماً مأثرتنا أن نمتلك القدرة على لحظ بريق ذاك المعدن الثمين الكائن خلف كل المصاعب التي نتخطاها.
لكننا لا نملك يقيناً واضحاً إن كانت قلائدنا النفيسة اللامرئية تتزايد بفعل أزمات الحروب أم انها ستندثر وتتلاشى نتيجة وصولها للمحصلة صفر الناجمة عن تفاعل قوى كثيرة متعددة متنافرة أو متجانسة..؟!
في كتابه «صناعات المستقبل» يتحدث خبير الابتكار (أليك روس) عن إمكانية تقديم برنامج خاص بكل شخص يعتمد على تقديم بيانات حول المعلومات الطبية والسلوكية والبيئة وغيرها، يفترض أن تكون مبنية على قراءة ودراسة «الجينوم» الخاص بالشخص عينه.. تفضي إلى تحسين مستوى حياته.
وكأنما يقصّر العلم بتقديم طروحاته حول «جينومات» خاصة بإخماد الحروب.. جينومات لأولئك الذين يتفننون بإشعالها دون القدرة على إنهائها.
جينوماتنا هي ذاتها قبل الحرب وبعدها.. لكن نفسياتنا، أهواءنا، وربما قناعاتنا تحوّلت وتغيّرت وأصبح لنا معيار نقيس الأمور بالاعتماد عليه معتبرين أن ثمة ما كان قبل الحرب.. وثمة ما هو كائن بعدها.. مهما غلا سعر قلائدنا النفيسة اللامرئية.
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 13-6-2019
رقم العدد : 16999