أفكــار حميـدة.. ومتعافيــة مـن حلــول المثقفيـن

بقدرِ ما يخرج الإنسان عن منطلق وعيه، بقدر مايتحوّل إلى الانفعالات التي تطيح بحكمة عقله.. بقدر ما يتجاوز مملكته الإنسانية المتسامية، بقدر مايغرق في نزعاته التعصبية والعدوانية، وبقدر ماتكون ردود أفعاله عنيفة، بقدر مايتمسك بقناعاته المتعنِّتة والجاهلة والمتعصّبة.
إنه ماباتت تعاني منه مجتمعاتنا، ويزداد تفاقماً في حياتنا، ولاسيما بعد ما شهدناه من بشاعة اقترافات وأفكار المجموعات الظلامية-الإرهابية. المجموعات التي سعت للقضاءِ على ثقافة المحبة والتسامح والوعي، ولترسيخ ثقافة التعصب والعنف والحقد والطائفية..
لكن، أليس هناك حل؟!.. هل نستسلم ونحن نرى مجتمعاتنا تتردّى وتخرج عن أخلاقياتها وعقلانيتها، مثلما نرى شخصية إنساننا، تتشظى وتُستلب أفكارها بقيودها وانفعالاتها؟..
حتماً، علينا أن نتوقف أمام ذواتنا، متسائلين عن السبب في انفصامنا والعدم الذي استشرى في عقولنا.. علينا أن نتوقف باحثين عما جعل الإنسان يستبدل عواطفه وأفكاره الحميدة، بقناعات جاهلة وحاقدة وشريرة وخبيثة.
نعم، هذا ماعلينا أن نفعله، ولاسيما بعد أن أشحنا عن قناعتنا بأن المثقف هو من سينقذ مجتمعنا من تردي أحواله وعدمية أفكاره، وبأنه من سيوجهه إلى حيث جدواه وارتقاء إنسانيته وأناه..
هذا ماعلينا أن نفعله، وفي الوقت الذي أصبحَ فيه غالبية الناس، يرون مايراه هذا المثقف الذي عليه وقبل أي شيء، التخلص مما يقيد عقله ويؤطر تفكيره بعيداً عن الواقع والحياة الاجتماعية. عليه، ألا يرى رؤيتهم، وبأن المهم أولاً، تحسين الحياة الاقتصادية والمعيشية، والبحث عن حلولٍ حقيقية..
إذاً، يفترض ألا ننتظر حلولاً تخلّصنا من واقعنا ومأساوية تفكيرنا وانفعالاتنا، بل أن نسعى ماأمكننا لتخليص أنفسنا من كلّ الأوبئة الفكرية والاجتماعية والتعصبية، وبالتالي إمدادها بالطاقات الخلاقة في محبتها وحكمتها الواعية.
يفترض، أن نترفع عن غضبنا وعنفنا، وعبر التوازن الداخلي الذي ينتج عن المحبة والسمو والوعي، وفي أرواحنا وأنفسنا وتفكيرنا العقلي.. يفترض أيضاً، أن نحاور ذواتنا، وبطريقةٍ راقية وقادرة على تخليصها من خيباتها وإرهاصاتها، وأن نحاور الآخر بطريقة كتلكَ التي دلَّ عليها المفكر والباحث الراحل «ندرة اليازجي» وبقوله الحكيم والإنساني:
«إن الحوار يقوم على القدرة على الوقوف أمام الآخر حراً من كلِّ إشتراطاتنا، لنكون قادرين على احترام فكره وخبرته وتجربته وإنسانيته، وبهذا المعنى، لايقوم حوار مالم نكن قادرين على مواجهة أنفسنا، ومحاورتها حواراً صادقاً ومباشراً وواعياً»..
هفاف ميهوب

التاريخ: الجمعة 14-6-2019
رقم العدد : 17000

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز