ليس من قبيل المحاولة بل من قبيل الضرورة أن نتجه بالتوثيق والتحليل إلى هذا البعد الذي يدل على ترابط وتكامل قوى الشرَّ في هذا العالم المنكوب بكثير من أنظمة ودول العدوان والهيمنة، من هنا نرى ضرورة أن نبُقي الأمور في نصابها، فالعدوان على سورية هو الجزء الأهم ويتكامل مع هذا العدوان مع ما يجري في العراق الشقيق وفي منطقة الخليج ضد إيران وفي ليبيا وفي اليمن وفي أجزاء أخرى كلها تنتمي إلى المصدر الأساس الذي تتوقع فيه الولايات المتحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي وتركيا أردوغان وأنظمة في الخليج صارت معروفة ولاسيما في قطر والسعودية والإمارات.
إن تثبيت هذا المنظور يعطينا الدفع باتجاه طاقة ومنهج المقاومة لهذا العدوان الموجد ولهذا العدو الموحد أيضاً ونلاحظ في اللحظة الراهنة من العدوان محاولات أميركا أن تخلق التوتر في منطقة الخليج العربي وأن تطلق الاتهامات للدولة الإيرانية والوسيلة إلى ذلك هي الذرائع المفتعلة كما هو الحال في الاعتداء الإرهابي على الناقلتين للنفط في بحر العرب وهما ناقلة نرويجية وناقلة يابانية.
والغريب في الأمر أن هذا الاعتداء جرى في وقت يزور فيه رئيس الوزراء الياباني طهران وتصدر بيانات مهمة وقاطعة عن دور إيران في السلم العالمي وفي تقديم المشاريع لتأكيد التضامن ما بين إيران الثورة ودول الخليج العربي كرَّد على الاتهامات والفبركات وكبحث عن كل ما يُزيل أسباب التوتر هناك ويفتح الطريق أمام حوار مباشر يثبت أن دولة إيران في كل امتدادها وسياساتها إنما يدفعها السلم العالمي ومصلحة شعوب الكرة الأرضية في التفاعل وتبادل المنافع وتحييد قوى الشر ومواقع الشرَّ، واحتمالات الشر والأصل واحد من الجذور إلى الممارسات، العدوان في الخليج وعلى إيران هو ذاته العدوان على العراق في بحثه عن سيادته وتحرير أرضه، وهو العدوان ذاته على سورية ولاسيما الآن في منطقة إدلب وفي الحدود التركية السورية وفي منطقة شرقي الفرات، وبمستوى القوى المؤسسة لهذه الحالة وامتداداً نحو أهدافها المشتركة وعبر الوسائل والآليات المستخدمة في هذه العدوانات الموحدة نكتشف بلا تحير وبدون تعسف كثير أن المسألة واحدة وهنا يقع الأساس الدافع باتجاه بناء قوى الخير والسلام والتعبير عن ذلك بخط المقاومة للإرهاب وللمشاريع الإرهابية، لأنه من الخلل أن نعتقد بأن المعارك الدائرة هي مع الجزء الإرهابي في شمال سورية بطريقة الفصل عن الامتداد والانتشار للمنهج الإرهابي العدواني بكامله، ولا يمكن ان يجري الفصل ما بين المجموعات الإرهابية ولاسيما جبهة النصرة الآن وملحقاتها وبين النظام التركي أو الأداء الأميركي سياسياً وعسكرياً أو الدور الإسرائيلي في العدوانات المتكررة على المواقع السورية الوطنية.
هذا المنظور هو القاعدة الأهم في فهم واستيعاب ما يجري وفي إنجاز مهام بناء القوة والقوى لمواجهة هذا المشروع الواسع والنوعي، ونحن ندرك الآن بأن الولايات المتحدة الأميركية وتركيا أردوغان ومعهما قطر والسعودية ومشيخات الخليج كلها تحت وطأة هذا الشعور بأن المواقع والمواقف معاً قد تكشفت ولاسيما من خلال هذا النزوع الاختصاصي عند أميركا في إصدار الأحكام السياسية مسبقاً ثم العمل على إيجاد الوسائل والذرائع والفبركات التي تؤكد الحكم الأميركي المسبق كما يتصورون.
إن استهداف ناقلتي النفط في بحر عمان يماثل ويكمل قصة الاتهامات لسورية باستخدام السلام الكيميائي، وهذه النظرة في التكامل الأميركي الإرهابي هي التي زينت لترامب من خلال السقوط السعودي الخليجي بأن المشروع قوي وبأن الآخرين ولاسيما العرب ليسوا جاهزين فحسب بل هم فرحون في السقوط أمام السياسة الأميركية وفي تغذية هذه السياسة بمليارات الدولارات، الأمر الذي وصل إلى حد الكوميديا من درجة السقوط العربي الرسمي في منطقة الخليج العربي.
وإذا مات سحبنا هذين العاملين أعني المنظور الموحَّد البنيوي لكل أنماط ومواقع وأدوار القوى العدوانية في هذا العالم وكذلك في سحب منطق الإدعاءات والفبركات والتخرصات الممهدة للعدوان على حقوق الشعوب ولاسيما في سورية وإيران والعراق وغيرها إذا ما سحبنا هذين العاملين إلى الواقع واحتمالات التطور في رفع درجة التوتر في الخليج العربي وسورية نجد أن جدار الصدَّ قد فرض وجوده من خلال قوى العدوان ذاتها بحيث بدت هذه القوى غير قادرة إلا على الخداع والفبركات وأن السحر بدأ ينقلب على الساحر وهنا تقع أزمة ترامب الآن.
د: أحمد الحاج علي
التاريخ: الاثنين 17-6-2019
الرقم: 17002