في كلّ مرة أنوي التسوّق يرافقني شبح القرد الأخضر «الدولار» المستمر بالقفز والتحكم بأسواقنا وليرتنا وضمائر أغلب تجارنا، ويبدأ عقلي الباطن بعقد مقارنات غير واقعية بين أسعار اليوم والأمس، لتوقع ثمن الكوسا والبطاطا والبقدونس وبقية السلع المحلية المربوطة بإحكام إلى بورصة وول ستريت وتقلباتها العجيبة.
وتفادياً للمزيد من الإحراج مع الباعة أعود أدراجي خالي الوفاض إلا من غبرة السوق وضجيجه و»خفيّ» السيد «حُنين» اللتين تصطحباني بعد كل محاولة، مازالت سلحفاة «الراتب» الكسولة عاجزة عن مجاراة أرنب الأسعار المرعوب من تدخلات مايستروات «كلنا معاً لتدمير المستهلك».
فمع كل سلعة معروضة في السوق تبدأ حاسبتي الذهنية «أم النكد» بالقسمة على عشرة فما فوق لتعداد الفوارق الهائلة المكتشفة بين رسم ما قبل ورسم ما بعد الحرب، واستشراف «عبقرية» المشرفين على الواقع الاقتصادي والمعاشي لمحسوبكم ومن في حكمه من أبطال هذا الزمان..!
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلا مانع من تنشيط الذاكرة «التنكية» لمن يعنيهم الأمر ببعض الحقائق الراهنة، فقبل سبع سنوات كان باستطاعة الموظف أن يدخل الفرحة لبيته مرة واحدة في الشهر ولو على جناح دجاجة «عاملة ريجيم»، أما اليوم فهو أعجز من أن يستبدل حذاءه الطمبوري المهترئ، ولو استشار أنشتاين وماركس وكل نظرياتهما النسبية والاقتصادية، قبل إجراء حسابات هندسية وديكارتية للحفرة «….» التي سيسقط فيها عاجلاً أم آجلاً، وخاصة أن الأسعار «المدروسة جداً جداً» في مغارة «علي بابا» لا تترك له سوى خيار السقوط على أم رأسه..!!
ولأن الضرب بالميت «الراتب» حرام ــ وعلى قولة صديقنا أبي محسّد ــ ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ، فإن تقاليد التعازي والمواساة تقتضي طلب الرحمة للفقيد وذكر محاسنه إن وُجِدتْ..!!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 17-6-2019
الرقم: 17002