رغم توقيع إيران والدول الغربية على الاتفاق النووي عام 2015، وقبولها تنفيذ جميع الالتزامات الواردة في بنوده، إلا أن أميركا تزيد يوماً بعد آخر حدة التوتر في المنطقة، متذرعة ببرنامج طهران النووي الذي تطوره الأخيرة أصلاً لأغراض سلمية.
التطورات الأخيرة تحدث على وقع التعزيزات العسكرية من القوات والآليات، و التي تمخر بها واشنطن عباب مياه الخليج، وتطلق معها الاتهامات جزافاً ضد إيران، وجلّ همها البحث عن مبررات تسمح بوجودها هناك، غير مدركة أن الصبر الإيراني قد ينفذ في أي لحظة، والرد على الضغوط التي تمارسها سيأتي قاسياً، بعد أن فرضت الولايات المتحدة حصاراً خانقاً على مبيعات النفط الإيرانية، وانسحبت من الاتفاق بعد ثلاثة أعوام من توقيعه.
الدول الغربية التي شاركت التوقيع تلاحظ عن قرب العنجهية الأميركية التي تتعامل فيها، وتعلم أكثر من غيرها حجم الأخطاء التي ترتكبها واشنطن، ولكنها مع الأسف تكتفي باتخاذ بعض المواقف الضعيفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لتظهر عجزها أكثر مما ينبغي أمام الشريك الأميركي، في وقت لو اتخذت فيه مواقف موحدة ورفضت صلف إدارة دونالد ترامب، لاستطاعت وضع حد لتلك المهاترات وسجلت لنفسها موقفاً تعتد به في قادمات الأيام.
أهداف أميركا من وراء هذا التصعيد أبعد من إيران بكثير، حيث تنوي البقاء الدائم في المنطقة، من أجل التدخل بشؤون الدول في الوقت الذي تريد، وإثارة النعرات والخلافات والحروب وخلق الفوضى، خدمة لمصالح استراتيجية بعيدة المدى، وتنفيذاً لأجندة تتشعب فيها البنود والاتجاهات، ولاسيما أن إيران، وعملاً بالمثل الشائع» اتبع الكذاب» عملت على تقليص برنامجها، لترى النيات الغائرة التي تسكن عقول حكام البيت الأبيض، شرط رفع العقوبات التي لا تضر سوى بالشعب الإيراني.
إيران لن تنتظر كثيراً خاصة إذا لم تف الدول الموقعة على الاتفاق بتعهداتها، وذلك بهدف حماية القطاع النفطي والمصرفي في البلاد، وصيانته من أثر العقوبات السلبي، في الوقت الذي ستتمسك فيه بالمفاوضات، لعل وعسى ترجع أميركا عن نهجها الخاطئ والمتسرع.
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 20-6-2019
رقم العدد : 17005