كيف يوجّه هؤلاء البيـت الأبيض؟

 

ليس كما يظن البعض أن السياسة الخارجية هي ناتج حوارات جادة لوجهات نظر مختلفة تأخذ في حسبانها مصالح الشعب الأمريكي، كثير من المراقبين يعرفون مدى الضغوط القاسية التي تمارس في هذا المجال ووسائل الاعلام لا تقوم بواجبها بتوجيه الاتهام الى الفريق الذي يعمل في أمور الشرق الأوسط والذي يتألف كله تقريباً من اليهود الأرثوذوكس والمسيحيين المتصهينين.
إن فريق الخط الأول لترامب بالنسبة للشرق الأوسط يقوده صهره جاريد كوشنير يهودي صهيوني ومستشاروه جميعهم يهود أرثوذوكس ثم ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة في اسرائيل أيضاً يهودي أرثوذوكسي كان في الماضي محامياً مختصاً في قضايا «الافلاس الجنائي» وليس لديه أي أوراق اعتماد دبلوماسية أو ما يخص السياسة الخارجية عرف بدعمه المستمر لإقامة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وعلى هضبة الجولان حتى أنه يمول بناء هذه المستوطنات وفريدمان هذا يردد تصريحات الحكومة الاسرائيلية كالببغاء وقد نجح بتغيير المصطلحات المتداولة في اتصالات وزارة الخارجية مثل كلمة (محتلة) حيث تم استبعادها واستبدالها بكلمة (مراقبة من قبل اسرائيل) على الضفة الغربية، فكل ما يدعيه من إنسانية تتمثل كلها في يهوديته فهو يذهب لحد الدفاع عن اطلاق النار من قبل الجنود الاسرائيليين على المتظاهرين العزل وتدمير المدارس والمشافي والمراكز الثقافية فكيف يمثل هكذا شخص الولايات المتحدة ومواطنيها الذين لا يملكون الجنسية المزدوجة (اسرائيلية – أمريكية )؟
أما مستشار فريدمان فهو الحاخام ليغتستون المسمى من قبل السفارة «خبير في اليهودية ومدافع عن اسرائيل» وكان ليغتستون سابقاً قد قال عن ترامب بأنه يشكل خطراً وجودياً على الحزب الجمهوري كما على أمريكا، حتى أنه اتهمه بالضعف أمام جمهور من اليهود لكن على ما يبدو حين سنحت له الفرصة غير قراره فيما يخص معلمه الجديد وقبل أن يعمل مع الحكومة في العام 2014 كان ليغتستون قد أسس مجموعة مناصرة لليهود (Silent city) مدعومة بأموال المتطرفين من اليمين وهي التي وقفت ضد الاتفاق النووي الايراني كما أنه يصارع من أجل محاربة الحركات اللاعنفية.
أما المفاوض الدولي الأساسي لترامب عن الشرق الأوسط فهو اليهودي الأرثوذوكسي جاسون كرينبلات وكان محامياً لشركات ترامب ولمن قرأ مقاله الأخير في نيويورك تايمز تحت عنوان : «هل يقلقكم مصير غزة ؟» يجد أن الفلسطينيين الذين يعانون البؤس في غزة لا علاقة لإسرائيل بذلك وأن ما ينهال عليهم من نيران وقنابل فوسفورية سببه أخطاء العرب حتى أنه نجح في استنتاج أن المستوطنات الاسرائيلية ليست عائقاً في طريق السلام وما يثير غضبه أن ما سماهم «انهزاميين» يعتبرون أن اسرائيل مذنبة ولو جزئياً في الكارثة الانسانية الموجودة في غزة.
كوشنير وغرينبلات وفريدمان يشكلون النموذج الممتاز للشخصيات التي تمثل «وفاءً مزدوجاً» وهم لا يفهمون أن تبعيتهم الدينية والعرقية تتعارض مع اخلاصهم التام للولايات المتحدة، أما الشخصيات الأساسية الأخرى المقربة من اسرائيل في مؤسسة السياسة الخارجية فيتم تقديمها على أنها مسيحية منهم نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو لكن هؤلاء هم من المسيحية الصهيونية التي تعتبر أن اقامة دولة اسرائيل يندرج ضمن نبوءة توراتية ستقود الى حرب كبرى تعلن مع نهاية العالم.
أما عراب الخط الصهيوني فهو مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي تلقى سابقاً جائزة «أفضل مدافع عن اسرائيل» والذي يعد أحد الأنصار المتحمسين لشن حرب ضد إيران، هناك أيضاً السكرتير المساعد لدى وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر والذي بقي مكانه شاغراً لمدة 14 شهراً لأن مجلس الشيوخ لم يصادق على مرشح ترامب الذي كان يشغل منصباً في البنتاغون في عهد جورج بوش الابن، أي أنه من قلب مرجل المحافظين الجدد مع بول وولفوتيز لكنه انتهى أخيراً بالموافقة عليه بـ 83 صوتا مقابل 11 وهو الذي قضى أغلب وقته في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، المعهد الذي تديره مجموعة داعمة للحكومة الاسرائيلية حيث أسسته لجنة العلاقات العامة الأميركية – الاسرائيلية الأقوى في واشنطن، وفي بيان صحفي للمعهد عبّر مديره عن سعادته وبأنه فخور بما قام به ديفيد شينكر وهو الأخير في قائمة خبراء المعهد استطاع أن يشغل منصب قيادة لدى الحكومة في ادارات الجمهوريين والديمقراطيين ليقدم خبراته حول الشرق الأوسط.
من المؤسف أن التاريخ الأميركي يكتظ باليهود الأميركيين المرتبطين جداً باسرائيل والذين يتصرفون حسب المصالح الاسرائيلية كما أن انتماءهم لهذه اللوبيات يتيح لهم ابراز مجموعات في مناصب حكومية دون جهد ولكي لا يترك الأمر للمصادفات فإن اليهود الصهاينة تحديداً موجودون في جميع مفاصل الحكومة لذلك نستطيع التأكيد بأن الحزبين الجمهوري والديمقراطي هما عبارة عن عمولة في جيوب المليارديريين الاسرائيليين شيلدون أديلسون وحاييم سابان اللذين أولوياتهم المطلقة هي متابعة مصالح اسرائيل قبل المصالح الأميركية فماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك كله؟
لعمري كم سيكون الشعور جميلاً أن نرى وسائل الاعلام والكونغرس يقومون بعملهم لو مرة واحدة والاعتراض على نيات كوشنير وفريدمان وغريبلات وشنيكر دون الحديث عن الثلاثي المعتوه بنس و بومبيو و بولتون فمصالح الولايات المتحدة لا يجوز أن تترك لهؤلاء الناطقين باسمها والممثلين لها في منطقة هامة بهذا الشكل.
لقد حان الوقت ليعي الجميع هذا الواقع وليتخلصوا من هذه الطغم ولنقلب الميزان في الاتجاه الآخر.
عن موقع فالميه

ترجمة مها محفوض محمد

 

التاريخ: الجمعة 21-6-2019
رقم العدد : 17006

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا