باريس، بروكسل، كعنوانين أساسيين للحملة الأميركية الجديدة ضد سورية، وبالعناوين التي يَحملها الأميركي جيمس جيفري لكل من اجتماع ما يُسمى المجموعة المُصغرة – تَضم إضافة إلى أميركا بريطانيا وفرنسا والسعودية ودول أخرى – ولاجتماع الناتو في بروكسل، يَتضح أن الولايات المتحدة تَعتزم تَجديد رهاناتها على مُرتزقتها من التنظيمات الإرهابية مُتجاهلة أن وقائع الأرض والسياسة طَوَت إلى غير رجعة أوهامها وأوهام الدول الشريكة لها بدعم الإرهابيين المُرتزقة والميليشيات الانفصالية!.
وَزَّعت واشنطن العناوين الواهمة على اجتماعي باريس وبروكسل، وربما تُعلّقُ أوهاماً أكبر على الاجتماع الثالث المُقرر عقده في الكيان الصهيوني، فما بين البحث المَزعوم بتنفيذ القرار 2254 وبين ما تُسميه جمود العملية السياسية، وبين الوهم المُتعلق بمستقبل المناطق التي اندحر عنها تنظيم داعش الإرهابي صَنيعتها وأداتها، هناك وهم مُقيم بالرؤوس الحامية داخل إدارة ترامب، تريد واشنطن ترجمته بجعل المبعوث الدولي غير بيدرسون يَنحرف عن سياق مهمته كمن سبقه، ذلك بتَحميله ما لا قُدرة له على حَمله وتَأبطه!.
والحال كذلك، فإن حملة واشنطن إياها هي حَملة مُثلثة الأبعاد والرؤوس. حَربتُها وضِلعُها الأهم هو الإبقاء على التهديد والعدوان قائماً بالإبقاء على احتلالها مناطق في التنف ومحيطها، ولتَنطوي حملة الاستهداف الجديدة من جهة على بُعد أمني تعتمد فيه على ميليشياتها الانفصالية وفلول الدواعش وباقي المُشتقات الإرهابية، ومن جهة أخرى تَنطوي على بُعد سياسي يَتعلق بالوهم المتصل بتشكيل لجنة مناقشة الدستور، مَنسوبُ الوهم في هذا البُعد يبدو مُرتفعاً جداً!!.
الحملةُ الأميركية الجديدة قد لا تكون الأخيرة قبل أن تُسلم واشنطن مُرغمة بفشلها وبهزيمة مشروعها، أي أنها قد تَجتر بما لا يَقبل حتى الاجترار بَدءاً من أكاذيب وفبركات الكيماوي وليس انتهاء بمُحاولة العودة إلى المُربعات الأولى، ذلك أنها ستَكتشف مُتأخرة هي ومُعسكر أدواتها – الخليج والكيان الصهيوني ونظام اللّص أردوغان – أن كل العناصر المُكونة للمشهد لا تَسمح بالعودة، وبأنّ التّحول الحاصل فيه لا يُمكن قراءته إلا على نحو واحد وباتجاه واحد: انتصرت سورية وحلفاؤها، وبهذا الانتصار الناجز هناك ثَمة ترتيبات واستحقاقات جديدة لا يُمكن التهرب منها.
أعمى هو مَن لا يَرى هذه المُحصلة، ومُنفصل عن الواقع من يُنكرها، وواهمٌ من يُحاول السير عكس الاتجاه. الأدلة في سورية مُتعددة، وعلى التوازي هناك أدلة أخرى تُؤكد، فما جَرى ويَجري تَحديداً منذ ستة أسابيع في مياه الخليج، ربما يُقدم أدلة إضافية لواشنطن لتَفهم أن مُعادلات تَغيرت سيَتَغيّر معها بالضرورة الكثير من قواعد الاشتباك فضلاً عن الاستراتيجيات والحسابات الدولية وليس الإقليمية فقط!.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007