لم أكن اتوقع أن محدثي الذي تجاوز السبعين من عمره, سوف يصدمني برأي أقل ما يقال فيه إنه قادر على جعلك تعيد التفكير بالكثير مما تراه, حين رأى على الشاشة من يسأل المواطن: ما رأيك بالإعلام السوري, وتتوالى الإجابات بغض النظر عما هي عليه, قال الرجل السبعيني: هذا كله لا ينفع, ولا يقدم ولا يؤخر, صحيح أن الإعلام يجب أن ينال رضا ومتابعة الجمهور الذي يتوجه إليه, ولكن هل تتوقعون مثلا أن خبرا عاديا سوف يشد المتابع؟
قلت: بالتأكيد, لا, فلابد من احترافية ما بتقديم الخبر, ناهيك بأنه يجب ان يقدم جديدا يحتاجه المتابع, ونحن في سورية بأمس الحاجة إلى ذلك, ننتظر الكثير من الأخبار التي نتلهف لسماعها, ولكن بعضها تأخر كثيرا, ولولا الإنجازات التي يحققها الجيش لقلنا: إننا لا نسمع إلا معادا مكرورا, تفقد وقرر, وتابع, وأغلق, وعاقب, عفوا هذه سهوا جاءت, فالعقوبات مؤجلة إلى حين من الزمن.
بقراءة متأنية لما قاله رفيق الجلسة: نجد أن الفكرة صحيحة, ولكن الكثيرين لا يعرفون أن الإعلام ليس بصانع للخبر إلا إذا كان فبركة وشاهد زور, قد يصنع الحدث ويوجهه, ويشرحه ويحلله ويضيء عليه, وكلّ يفعل حسب وجهة النظر التي تنطلق منها رسالته, وبالتالي ثمة حاجة لقول التالي: يرمى الإعلام بما ليس فيه, فهو المتهم من قبل الجميع بلا استثناء, من لديه قضية يرمي بها إلى الإعلام, ومن يكتشف حالات فساد يزج بها إلى الإعلام, وغير ذلك كثير, السؤال المطروح: هل الإعلام بيده الحل والربط؟
بالتأكيد: لا, يقدم ما لديه, ينير يعطي الوثائق الحقائق, يضعها بملعب من يجب أن يتخذ القرار أعني به سلطة تنفيذية أو رقابية, أو أي سلطة معنية بالأمر, وبعد ذلك ينتهي الدور إلا من المتابعة وإعادة التذكير بما تم طرحه, الإعلام ليس سلطة تنفيذية, وليس بإمكانه غير ما تحدثنا عنه, نعم, عليه ملامسة هموم الناس ومعاناتهم وطرحها ووضعها على الطاولة, وبعد ذلك من المسؤول؟
له دوره التنويري والتوعوي والاجتماعي وهو صاحب سلطة بذلك, واي إعلامي لايطور نفسه ويعمل عليها, لن يكون بقادر على تجاوز عتبة يقف عليها, ربما تفسخ به وهو لايدري, الإعلام صناعة وأساليب, وثقافة ومعلومة واجتهاد, وفوق هذا وذاك أساليب جذب, وبالوقت نفسه على من يوجهه ويريده أن يكون حاملا رسالته أن يلاقيه بمنتصف الطريق, فقليل أو كثير من الاستجابة لما يطرح يعزز الثقة به, وبالتالي بمن يموله ويوجهه ويريد لرسالته أن تصل, حينذاك سوف تتغير النظرة إليه, وهذا عمل يعني شقين: إعلام يحمل القضايا المحقة, وجهات تنفيذية عليها أن تستجيب لما يطرح, حينذاك لنتحدث عن الاعلام كما يحلو لنا, ولنقل: ساعدونا كي نكون أحسن, والسؤال الذي يجب طرحه قريبا: هل من يساعد الإعلامي, وكيف ومن يطرح همومنا ومعاناتنا, ما يعترض العمل منا أو من غيرنا وما الحل؟
نريد أخبارا, نعم, ماذا لو نشرنا خبرا يقول: لقد تمت محاسبة كل من رفع الاسعار بغير وجه حق, اليس خبرا لافتا, ولكن: ماذا لو كان غير صحيح؟
ديب علي حسن
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007