تستمر في كل المحافظات السورية عمليات حصاد وتسويق القمح، ويتصاعد الخط البياني للكميات المسوقة، على الرغم من الحرائق المفتعلة وهي جزء من الحرب الشرسة التي تشن على سورية، ويعرف أغلبنا أن تسويق القمح يستمر في سورية إلى منتصف شهر آب، وسط توقعات أن تكون مشتريات العام الحالي كبيرة ولا سيما أن موسم أمطار 2018- 2019 كان ممتازاً ما أغرى أغلب الفلاحين بزراعة أراضيهم المروية والبعلية (بشكل خاص بالقمح) إذ يزرع الشعير – دائماً في الًراضي غير المروية ونادراً ما يحصد الفلاحون أراضيهم في السنوات متوسطة الأمطار، خلافا للعام الحالي.
وإذ نبقى في إطار القمح وهو الرمز الأكبر للحبوب في سورية، نجد أن الكميات المسوقة حتى الآن، هي ضعف ما جرى تسويقه في العام الماضي، والأرقام إلى تصاعد على جبهة القمح.
نعم إنها جبهة، تساند وتآزر جبهة الحرب العسكرية – الطاحنة – التي لا يزال جيشنا الباسل يخوضها، لتحرير ما تبقى من ريف حماة ومحافظة إدلب من عتاة المتعصبين الإرهابيين، الجيش الحقيقي لأميركا وإسرائيل بثياب (مختلفة).
إن النصر في معركة القمح في العام الحالي مهم جداً، بعد عدة سنوات من الجفاف، وبعد تحرير 800 ألف هكتار من أراضينا الزراعية.
ويجب في هذا لسياق الانتباه إلى أمرين أساسين هما: 1- أن كميات المياه التي ربحتها سورية في الموسم المطري الأخير (وقد امتد إلى ما بعد 15 أيار كما هي العادة كل عام)، كان غدقاً ومضاعفاً، وقد رمم العجز في المخزون الجوفي، بدليل عودة الحياة إلى كثير من أنهارنا وينابيعنا وبحيراتنا (الخابور – بردى – بحيرة المزيريب) وهذا الماء الثمين، سيكون ثروة لزراعتنا في العام القادم أيضاً
– جرت العادة في كل المناطق السورية أن يحتفظ الفلاحون مهما كانت الأسعار مجزية، بثلث إنتاجهم من القمح كمونة للعام القادم (للطحين والبرغل والفريكة وحتى للزراعة مرة ثانية). وأعتقد أنه بسبب السنوات العجاف سابقاً فإن نسبة الاحتفاظ هذه السنة بالذات ستكون أكبر.
وفي الأمرين اللذين أشرت إليهما، ثمة ربح كبير لاقتصادنا، فإذا ما أضفنا إليه ما سيتم تسويقه حتى منتصف شهر آب من قمح، وهو يعني وفراً في القطع الأجنبي (الدولار) وبمئات الملايين، ما سيشكل رافداً منعشاً لواقعنا المعيشي.
ويبقى القمح رمزاً، فكل ما ننتج في الزراعة والصناعة، هو السبيل إلى وضع اقتصادي أفضل وإلى تحسن ملموس في الحياة المعيشية السورية، ما يحتم على الجميع، في الإعلام والمنظمات الشعبية، ومنابر التوعية والتثقيف، جعل هذه المسألة، قضية الرأي العام الأولى في بلادنا وشحذ الهمم واليقظة والمثابرة على كل الصعد، لوضع كل حبوبنا في صوامعنا، وهي ذهبنا الحقيقي.
ويخطئ من يتجاهل -وهو يبحث في اقتصادنا- مثل هذه الحقائق الساطعة.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 27-6-2019
رقم العدد : 17010