لا تنفصل الاعتداءات الصهيونية المتكررة عن سياق الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من ثمان سنوات، كان العدو الصهيوني وما زال حاضراً بكل تفاصيلها وجزيئاتها، وما تعجز عنه التنظيمات الإرهابية تستكمله حكومة الكيان الغاصب، خاصة أن اعتداءات وجرائم العدو الإسرائيلي لا تختلف في شيء عن الأعمال الإرهابية التي يرتكبها مرتزقة (النصرة وداعش) ومن ينطوي تحت رايتهما التكفيرية، من حيث انتهاج ذات الأساليب الإجرامية بحق المدنيين، والبنى التحتية من طرق وجسور ومنشآت ومدارس ومصانع وغيرها من إنجازات السوريين على مدار العقود الماضية.
توقيت العدوان وعناوينه السياسية تفضح أجندات منظومة العدوان بكامل أقطابها، حيث جاء غداة فشل (ورشة البحرين) الذي عكس عجز الدول والحكومات اللاهثة لترجمة (صفقة القرن) على أرض الواقع، في ظل صمود سورية ومحور المقاومة في التصدي للمشروع الصهيو أميركي، فسورية وبشهادة التاريخ هي بوابة الأمان للمنطقة العربية برمتها، واستهدافها يعتبره الأعداء مفتاحاً لتخريب الساحات العربية وإعادة رسمها وفق الأطماع الأميركية والغربية، وكذلك يأتي هذا العدوان كمحاولة جديدة من حكومة العدو للهروب من مشاكلها الداخلية المتفاقمة ، ولاسيما أنها على أبواب انتخابات مبكرة يحتاج فيها حكام العدو لارتكاب مثل تلك الجرائم ليثبتوا أمام شارعهم الانتخابي المتطرف أنهم الأجدر بمتابعة النهج الإرهابي الذي اعتمدته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ إنشاء الكيان الغاصب وحتى اليوم.
الأصابع الأميركية أيضاً حاضرة بقوة عند كل عدوان تشنه حكومة العدو الصهيوني، لوجود رغبة أميركية بإطالة أمد الأزمة وتأجيجها، وعرقلة عمليات الجيش العربي السوري في القضاء على الجيوب الإرهابية المتبقية، وإسرائيل ما كانت لتستمر بنهجها العدواني الخطير لولا الغطاء السياسي والعسكري والإعلامي الذي توفره لها الإدارة الأميركية، وحمايتها من أي مساءلة قانونية، كما أن العدوان يتماشى مع خطوات التطبيع من قبل الأنظمة المستعربة، والتي تشجع العدو الصهيوني على الدوام لشن المزيد من الاعتداءات على سورية لأنها كشفت ماهية الانتماء الحقيقي لتلك الأنظمة، وعرت ارتباطها العضوي مع الكيان الصهيوني، والتنظيمات الإرهابية التي تسير في فلك الجانبين معاً.
على مدار سنوات الحرب الإرهابية الماضية لم تستطع منظومة العدوان أن ترهب الشعب السوري، وإنما تزيده إصراراً على مواصلة حربه ضد الإرهاب وداعميه، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة هي حلقة في سلسلة تلك الحرب القذرة التي تقودها أميركا، لمحاولة فرض واقع جديد، ولكن إيمان السوريين لن يتزحزح قيد أنملة بحتمية النصر القريب، وتحرير كل شبر أرض يحتله الإرهاب، أو أي قوة غازية ومحتلة.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 3-7-2019
رقم العدد : 17015