خمسة أعوام من الحرب الدموية أتت على الأخضر واليابس في اليمن، دون أن يرفّ جفن أو يشكّل قلق للدول العظمى ولاسيما الأكثر تقدّماً في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بل على النقيض من ذلك، فإن بعضاً منها وخصوصاً الغربية قدّمت كل الدعم والمساندة للتحالف الذي تقوده السعودية في هجومها على الشعب اليمني.
مع ذلك ورغم دعم الولايات المتحدة وفرنسا و»إسرائيل» وبعض الدول العربية لهذا التحالف لم تستطع السعودية كسر إرادة اليمنيين، بل إن هزيمة هذا التحالف تحققت على يد المقاومة العنيفة التي أبداها هذا الشعب، كذلك عجز السعوديون ومن معهم في هذا التحالف عن إنجاز مشروع سياسي حقيقي أو استراتيجية قابلة للحياة، إذ لا يكفي الاستخفاف والتقليل من شأن شعب من الشعوب واستخدام أحدث أنواع السلاح لكسب الحرب ضده، وقد قدّم اليمن الدليل الساطع على ذلك.
ففي مقابلة نشرتها صحيفة «الديار « اللبنانية في 25 آذار عام 2019 أكد رئيس مجلس السياسة العليا اليمني مهدي المشاط أن الجيش والمقاومة اليمنية يسعيان دائماً لإيجاد حل سياسي وإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن لكن السعودية والإمارات والولايات المتحدة وفرنسا استمروا في عرقلة وتعطيل الحلول السياسية .
على سبيل المثال، كانت محادثات ستوكهولم خطوة نحو حل سياسي في اليمن، لكن الدول الآنفة الذكر، بإصرارها على إضافة بعض الأمور التي لم تكن موجودة أساساً في نص الاتفاق، قد حالت دون مواصلة المفاوضات، وقد اكتشفنا شيئاً فشيئاً التورط المباشر للقوى الغربية كالولايات المتحدة وفرنسا في الحرب ضد اليمن.
ولا بدّ من التنويه هنا أن الكونغرس الأميركي صوّت على مشروع قانون يمنع بموجبه بيع أسلحة أميركية للسعودية إلا أن الرئيس دونالد ترامب اعترض عليه، وبذلك أكد أيضاً عدم احترامه لكل الأعراف والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية، وبدا جلياً أن الرئيس الأميركي يعاني من ضعف سلطاته الدستورية، وخوفاً من تعرّض مواطنيه الأميركيين الذين في الخليج للخطر، غير أن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل أن الهجوم الدموي على الشعب اليمني من شأنه أن يحمي حياة الرعايا الأميركيين ويحول دون تعرضهم للخطر في دول الخليج؟!
إن التورط الفرنسي في الحرب ضد اليمن لا يحتاج إلى برهنة، لاسيما بعد أن كشفت وكالة «ديسكلوز» في 15 نيسان الماضي عن مذكرة سرية صادرة عن إدارة المخابرات العسكرية تفضح فيها ازدواجية خطاب المسؤولين الفرنسيين بخصوص بيع أسلحة للسعودية والإمارات، المذكرة السرية التي كشفتها الوكالة تظهر أن 48 مدفعاً من نوع «سيزر» سيتم نشرها على طول الحدود السعودية مع اليمن وهذا بحدّ ذاته يشكّل تهديداً لأكثر من 450 ألف مواطن يمني، وهناك أيضاً 70 دبابة نوع «لوكليرك» استخدمت في إطار هجمات مختلفة ضد مدينة الحديدة, كذلك شاركت سفينتان من صنع فرنسي في محاصرة السواحل اليمنية، ومن هذا المنطلق, ينبغي التوضيح أن حوالي 23 ناقلة نفط ومراكب محملة بالمؤن منعت من الوصول إلى السواحل اليمنية منذ عدة أشهر، فرنسا أكدت على لسان وزير دفاعها (فلورنس بارلي) أن المساعدات الإنسانية يجب أن ترسل إلى اليمن، المشكلة هي :كيف سيتم ذلك في وضع كهذا ؟! .
من جانبهم، أكد مسؤولون فرنسيون كبار أن أسلحة فرنسية قد بيعت للسعودية قبل الحرب على اليمن، بيد أن التحقيقات التي أجرتها وكالة «ديسكلوز» أظهرت أن هذه الأسلحة بيعت للسعودية والإمارات بعد بداية الحرب على اليمن .
كذلك واجهت السياسات الفرنسية صعوبات في تبرير عقود الإمداد بالذخيرة، ما يؤكد أن إرادة فرنسا ضعيفة لوضع حدّ للحرب الدائرة في اليمن، فتأكيداتها على أنها لم تبع أسلحة للسعودية والإمارات وعدم إمدادهم بالدبابات والفرقاطات وأسلحة أخرى هي كذبة صريحة من جانب الطبقة السياسية الفرنسية، من هنا نستنتج أن فرنسا مثلها كمثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رجحت كفة المصالح الاقتصادية على كفة القيم الإنسانية.
وحسب وكالة «ديسكلوز» الفرنسيون ليس الأوربيون الوحيدين الذين باعوا أسلحة إلى التحالف بقيادة السعودية، فبريطانيا وايطاليا وألمانيا باعوا أسلحة للتحالف دون أن يتعرّضوا لأي مضايقة تذكر.
أما فيما يخص الأمم المتحدة، فحدّث ولا حرج، فقد تصرفت هذه المنظمة الأممية بالضعف ذاته حيال ما يجري في اليمن وهي على كل حال، فقدت كل مصداقية ومشروعية لها على المسرح الدولي، وتحوّلت على نحو فاضح إلى أداة لتبرير الحروب، وفي خدمة المصالح الأميركية، والبرهان الساطع على ذلك، الملفات اليمنية والسورية والفلسطينية .
في الختام، هناك حوالي عشرة ملايين يمني على حافة الجوع، وهناك ثلاثون ألف يمني تعرّضوا للموت جرّاء الإغلاق الجائر لمطار صنعاء، وعدة ملايين مهددون بمجاعة حقيقية.
عن: موندياليزاسيون
ترجمة: حسن حسن
التاريخ: الأربعاء 10-7-2019
رقم العدد : 17020