لم تكن العودة الأميركية – التركية للحديث عن (منطقة آمنة ) في الشمال خارجة عن سياق المحاولات المحمومة التي لم تتوقف لحظة واحدة لكلا الطرفين بهدف خلط الأوراق والعبث بحوامل المشهد، إلا أنها تعكس في ذات الوقت وصول إدارة ترامب ونظام أردوغان إلى طريق مسدودة في تغيير الواقع المرتسم على الأرض بمعادلاته وقواعده التي حددت ووضعت عناوين المرحلة المقبلة بكل عام، ليس على المستوى المحلي والإقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي أيضاً.
فالحديث الأميركي والتركي عن منطقة آمنة في هذا التوقيت تحديداً الذي يشهد تحشيداً وتصعيداً على جبهات الشمال من قبل التنظيمات الإرهابية المدعومة من أنقرة، لاسيما جبهات أرياف حماة واللاذقية وإدلب وحلب، هو محاولة تركية جديدة لتعويم الدور التركي المأزوم داخلياً وخارجياً بهدف التموضع مجدداً على الطاولة السياسية بما يتيح لنظام أردوغان الرقص على الحبال، بما يحاكي من جهة إخفاقه وإفلاسه وصراعاته وخلافاته المتدحرجة مع حلفائه وشركائه في الإرهاب خاصة الأميركي والبريطاني، وبما يواكب تطلعاته وطموحاته الاستعمارية من جهة أخرى والتي سرعان ما تنهار فور ارتطامها بالواقع المتجذر في عمق المشهد.
ما هو مؤكد أن هذا التصعيد الأميركي – التركي مرتبط بالحديث عن انفراجة محتملة بالعملية السياسية، وهو ما يدخل منظومة الإرهاب بشكل عام في محرقة الحسابات السياسية التي توصلها إلى استنتاجات كارثية قد تنسف ارتداداتها وتداعياتها كل المشروع الإرهابي الذي أعدته تلك الدول والأنظمة لشعوب المنطقة.
كل المعطيات الميدانية والسياسية تؤكد أن المشروع الإرهابي بشقيه الأميركي والأردوغاني الإخواني قد وصل إلى مرحلة خطيرة من الانهيار الكارثي على أطراف الإرهاب، وهذا الأمر بات حقيقة صارخة في الوضوح يتوجب على الأميركي والتركي وبقية معسكر الإرهاب ليس لمسها فحسب، بل المسارعة إلى قراءة وفهم أبعادها ودلالاتها وتداعياتها قبل فوات الآوان.
فؤاد الوادي
التاريخ: الثلاثاء 16-7-2019
رقم العدد : 17025