الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
ليست الكتابة لمجرد أن يكتب الإنسان، بل – وكما يقول ألبير ليونار – فأن يكتب المرء ليس معناه أن ينتج، وإنما أن يقر من البدء بضرورة أن يبرز إلى النور ما كان في العتمة. أي أن يحمل المرء إلى الناس الآخرين مكتشفات وعي خلاق، وواقع جديد منبثق من أعماق أعماق الكائن.
لقد حطم وعي الواقع بعض الكتاب، وحذا بالآخرين إلى أن يواجهوه بقوة وعزيمة. إلا أن بشاعة الواقع لا جدال فيها، ولا يمكن إخفاؤها.
خلخل العنف الذي ساد في بداية القرن العشرين، مفهوم الأدب، والمغزى من الكتابة، فاتجه بعض كتاب وشعراء تلك الفترة إلى الإعلان عن موت الأدب «الأدب يسير نحو نفسه، أي نحو ماهيته التي هي زواله» كما يقول موريس بلانشو. والأخطر من ذلك، أن أنتونان آرتو لا يهاجم وجود الأدب وتوجهه نحو حتفه، وإنما يهاجم الأدباء ويعتبر أن لا جد وى من كل ما يقومون به، بل ويحط من شأن الأدباء قائلاً: «الكتابة بكاملها قذارة. العشيرة الأدبية بكاملها قذرة، وخصوصاً عشيرة هذا الزمن».
إنه هنا لا يستثني أحداً عبر التاريخ الأدبي، ولكنه يخص أبناء عصره. وإن كان هو لم يحتمل عنف زمانه، فقد أراد الإجهاز على كل المنتج الفني عبر العصور، بنعته بالقذارة.
إن قوة العامل النفسي هي التي فرزت الأدباء ما بين المتفائلين وبين العدميين، الذين لا يرون أن الأدب استطاع عبر تاريخه أن يوقف مشاجرة صغيرة بين شخصين، فكيف يمكنه أن يغير العالم ويوقف الحروب.
وتبقى الحركات الكبرى في التاريخ، هي معاندة للواقع، ومصرة على تغييره، رغم قتامته.
التاريخ: الثلاثاء16-7-2019
رقم العدد : 16025