تربية الأولاد عملية سهلة وصعبة بنفس الوقت , فيخال للمرء أنها سلسة وخاصة أنه بعد فترة من الخطبة يكون كل من الطرفين الأنثى والذكر قد تعارفا على بعضهم البعض وبشكل جيد ذلك كما يكونون قد تعرفا من خلال أسرهم ومن خلال الأصدقاء والجامعات والدراسات و كذلك من خلال التلفاز على قواعد عملية التربية الصحيحة.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الزواج وبهذه المرحلة يتعارفان جيدا على أسلوب حياة بعضهما البعض وبعدها يقرران انجاب الأطفال ويسعيان معا الى تربيتهم التربية الصحيحة والسليمة وإيصالهما إلى بر الأمان.
لكننا نجد هنا المشكلة فكل فرد منهم يرغب بتربية ابنه على طريقته وتظهر لكل واحد منهم طريقة مختلفة عن الآخر , فالأم بطبعها حنونة وعطوفة ومسامحة باستمرار على الرغم من الأعباء والمهمات الملقاة عليها والتي تزيد من تعبها سواء في العمل داخل المنزل وخارجه ومع ذلك فإنها تبقى الحضن الدافئ والملاذ الآمن لأبنائها في حين نجد بعض الآباء بسبب انشغاله خارج المنزل ومشقات الحياة الصعبة التي تواجهه من تأمين قوت ومأكل ومستقبل العائلة، نجده أكثر قساوة وشدّة من الأم.
لذلك يظهر لنا في المنزل أسلوبان مختلفان من التربية وكل واحد منهم يريد تطبيق أسلوبه وطريقته بالتربية، والكارثة أن يعرف الطفل كيف يستغل طريقة كل واحد منهم لمصلحته هنا تكون المفارقات في التربية.
أريده رجلا
أبو محمد وهو والد لثلاثة أطفال وهم باستمرار يعانون من ضربه وقسوته في المنزل, وبحل واجباتهم يكون قاسيا عليهم فهو يعتبر أن الطفل إن لم تستخدم القسوة معه فسيكون طريا ومستهترا ولا يأخذ أي موضوع بجد وبذلك تكون حياته فاشلة ,لكنه والقول لأبي محمد ان استخدمت معه العنف والقسوة سيكون مثل الألف في البيت والمدرسة لا يترك واجباته ولا مهماته في المنزل وبذلك سيكون ناجحا حسب رأيه.
بالحوار والرفق
جاء كلام ام اشرف المرأة الريفية البسيطة كالبلسم الشافي على الجرح بقولها إن الطفل يفهم ويعرف ما هو الصح وما هو الخطأ وأن نجبره على القيام بأمر ما دون إرادته لن يكون بالمستوى الذي يقوم به هو من تلقاء ذاته لذلك علينا نحن الأهالي ان نستخدم الحوار والنقاش والتروي بتربية فلذة أكبادنا فلا شيء أغلى منهم على قلوبنا وأن نحاورهم ونجلس معهم وأن نكون أصدقاء لهم حتى في تدريسهم لواجباتهم ,وأنا ضد القسوة تماما فهي لن تفيد في شيء بالمستقبل.
تكامل الأدوار
الباحثة الاجتماعية هيفاء عثمان تقول: يجب على كل من الأب والأم أن يكون أسلوب تربيتهما لأولادهما متكاملا مع بعضهم البعض الى حد ما وأن تكون لكل فعل يقوم به الطفل ردة فعل من قبل والديه متطابقة ومتشابهة مع بعضهم البعض ولو بشكل تقريبي.
في حال اختلفت الطرق
و كان لكل من الأب والأم طريقة مختلفة عن الآخر في تربية أولادهما، اختلط الأمر على الأبناء ولم يعودوا يعرفون من هو الصح و من هو الخطأ ولا يعرفون كلام من سيسمعون، لذلك نجد الأطفال يأخذون بالعناد الكثير والجدل والرفض والمناقشة الطويلة لأمر بسيط وقد يكون تافهاً كما تنعدم لديهم إمكانية الاستماع لتعليمات الأهل فيمتنعون عن ترتيب أغراضهم ويبدؤون برفض تناول الطعام.
هذه بعض العلامات القليلة والأولية التي تدل على أن الأهل يعانون من جراء تصرفات أبنائهم من مشكلة تربوية بالتعامل مع أبنائهم في حال استمرت هذه الحالة لفترة طويلة عليهم ان يجدوا الحل لهذه المعضلة.
تضيف هيفاء عثمان:إن العائلة هي أول عالم اجتماعي يعيش فيه الطفل ويواجهه والأسرة لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية وهي ليست الوحيدة بذلك فهناك دور الحضانة والمدرسة والأصدقاء ووسائل الإعلام هي التي أخذت هذا الدور من الأسرة لذلك تعددت العوامل في التنشئة الاجتماعية فكانت عوامل داخلية وخارجية.
فالعوامل الداخلية تشمل الأسرة والعلاقات الاسرية وتنوعها وكذلك العوامل الخارجية وهي تتمثل بالمؤسسات التعليمية وهي دور الحضانة والمدارس والجامعات.
ونجد تأثير المدرسة اليوم هو كتأثير العائلة لهما تقريبا الأثر الكبير ذاته على الطفل وأيضا الأصدقاء، بالإضافة الى المجتمع الذي يعيش فيه الطفل له تأثيره الكبير على الطفل دون أن ننسى دور وسائل الاعلام خاصة التلفاز الذي يسهم بدور كبير بتشويه العديد من القيم التي يبذل الأهل الجهد الكبير لإكسابها لأبنائهم.
وتقول عثمان يجب أن تكون التربية السليمة بأن تسعى الأسرة لبناء جيل واع ومستقبل أفضل وكل أسرة تطمح ان تربي أولادها التربية الصحيحة لذلك على الاهل أن يكونوا واقعيين متفهمين للأمور الخاصة والعامة لأولادهم دون أن يغفلوا أي شيء وأن يسعوا دائما لمنح ابنهم المزيد من الحب والحنان وجعله يشعر بهذا الحب باستمرار وأن يحرصوا دائما على وجود علاقة تفاعلية ومنسجمة بينهم وبينه دون انقطاع ,كما يجب أن يمنحوه الثقة في كل ما يقوله او يفعله ولا يوجهوا له دائما ملاحظات وألا ينتقدوه لا لوحده ولا أمام أحد من زملائه أو أقاربه لأن ذلك يكسر من شخصيته ويجعل منه مترددا متخوفا لا يعرف ان كان ما سيقوله سيغضب أحد أبويه أم لا.
هذا بالنسبة للقول فكيف بالفعل نجده لن يجرأ على أن يقوم بأي فعل أمامهم ونجده دائما مختبئاً وبعيدا عن الأنظار وهذا بالطبع له نتائج عكسية كبيرة إن بدأ ابنهم يخبئ عنهم ما يقوم به.
وأخيرا لابد أن نقول:إن كل زوجين يتمنيان تربية أولادهما التربية الصحيحة والسليمة التي يفخران بها كل الفخر فعليهما أن يتحدثا ويتناقشا ويتباحثا في كل شيء يخص ابنهما حتى ولو بأصغر معلومة عنه وان تكون ادوارهما مكملة لبعضها البعض وبعيدة عن التناقض.
ميساء العجي
التاريخ: الجمعة 19-7-2019
الرقم: 17028