الانتخابات الأميركية.. وسلطة الاحتياطي الاتحادي

في مطلع شهر تموز الحالي 2019 بدت المعطيات التي تشي بإعادة انتخاب دونالد ترامب لمنصب الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني عام 2020، وقد دلت على ذلك أرقام السوق المالية وإجمالي الناتج العام .. على الأقل حتى اللحظة.
القضية الأساس والتي ستظل بلا إجابة هي معرفة ما إذا كنت هذه المعطيات ستبقى على حالها حتى لحظة حصول الانتخابات ولاسيما أن هذه المعطيات فيما مضى أوقعت الجمهوريين بمشكلات لا حصر لها.
المعضلة الأهم التي تعترض سبيل ترامب قبل الفوز برئاسة ثانية هي عين المعضلة التي استمرت منذ عام 1913، فما من رئيس من الرؤساء السابقين ولا حتى مجلس الشيوخ(الكونغرس) استطاع السيطرة على قرارات البنك المركزي أو ما يعرف بالاحتياطي الاتحادي، قلة من الناس تعرف أن الاحتياطي الاتحادي ليس مؤسسة حكومية، رغم أن الرئيس هو من يعين القائمين على إدارته، يعرف نظام الاحتياطي الاتحادي بأنه البنك المركزي في الولايات المتحدة، ويعد أقوى مؤسسة مالية في العالم أسسه الكونغرس في 3 كانون الأول عام 1913، ويتركز عمله على توجيه السياسة النقدية في الولايات المتحدة، وتأمين النفوذ والتحكم بمعدلات الفائدة على القروض، كما يلعب دور المنقذ للبنوك عبر إقراضها في أثناء الأزمات من الأحداث البارزة التي أدت إلى تغيير في منظومة الاحتياطي الاتحادي:الكساد العظيم عام 1930 .
في كانون الأول عام 1930، قامت فئة صغيرة من أصحاب المصارف الدوليين في الحزب الجمهوري في وول ستريت يقودهم ج.ب مورغان، وجون .د.روكفلر، وسواهم بالانقلاب المشؤوم الذي دفع بـ (الديمقراطي) وودرو ويلسون إلى التنازل عن السلطة النقدية للحكومة لأصحاب المصارف، ومنذ ذلك الحين، والاحتياطي الاتحادي هو الذي يحدد الحركة الاقتصادية للأمة الأميركية بمنأى عن مصالح الاقتصاد الوطني أو مصالح المواطنين.
رئيس الاحتياطي في نيويورك بنيامين سترونغ، باعتباره رئيساً لأقوى 12 مصرفاً احتياطياً، بقي متحكماً بمصير الولايات المتحدة وأوروبا حتى مماته في عام 1928، وكانت سياسات معدلات الفائدة التي اتبعها هي المسؤولة مباشرة عن إنشاء سوق الأوراق النقدية في سنوات 1920 وإلى الهبوط الاضطراري في وول ستريت في تشرين الأول عام 1929، وبطريقة غير مباشرة، أدى هذا إلى الأزمة المالية العالمية، وإلى الكساد العظيم عام 1930.
تردد رئيس الاحتياطي الاتحادي (آلان غرينسبان)في خفض معدلات الفائدة، ما ساعد في دفع الاقتصاد نحو الركود، ومهد الطريق لفوز باراك أوباما عام 2008، كل هذا لأن الاحتياطي الاتحادي يمسك بالسلطة الحقيقية في اللحظات الاقتصادية الحاسمة والعصيبة.
عندما أصبح دونالد ترامب رئيساً، اختار مديرين لمجلس حكام الاحتياطي الاتحادي، وعين جيروم باول رئيساً،
وعندما واصل (باول) سياسة جانيت يلين برفع معدلات الفائدة والتراجع عن سياسة التحفيز المالي ببيع الأصول التي اشتراها بعد الأزمة المالية عام 2008 في البداية، غطى قانون ترامب حول الضرائب وعوامل أخرى الآثار السلبية لقرارات جيروم باول، ما أنعش السوق المالية والدولار والاقتصاد معاً، وفي نهاية 2018، بدء يظهر جلياً أن الاحتياطي الاتحادي في طريقه إلى العودة إلى الأزمة التي حصلت في عام 2008 في مجال السندات والعقارات، ما أثار لدى دونالد ترامب عاصفة انتقادات حادة تجاه جيروم باول الذي اختاره كرئيس للاحتياطي الاتحادي.
ففي كانون الأول 2018 أي في أقل من عام على تولي (باول) رئاسة الاحتياطي الاتحادي، بدت الأسواق المالية في حالة سقوط حر، وسوق الأوراق النقدية تراجعت بنسبة 30 في المئة في غضون ستة أسابيع، وجمدت أسواق السندات وهبطت أسعار النفط بنسبة 40 في المئة، وكل ذلك كان بطلب من بعض رجال الأعمال النافذين.
لم يشكك ترامب بأهلية رئيس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول، لكنه قال: إنه (غير متحمس) بشأن سياسته . وافق الاحتياطي الاتحادي على رفع معدلات الفائدة، وأبقى عليها كما هي، بيد أن ترامب خشي أن تعرقل الارتفاعات في معدلات الفائدة التقدم الاقتصادي، لكن البيت الأبيض استدرك في وقت لاحق بتصريحه بأن (الرئيس يحترم استقلالية الاحتياطي الاتحادي).
في 25 حزيران الماضي، ألقى جيروم باول رئيس الاحتياطي الاتحادي خطاباً أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك أشار فيه إلى استقلالية الاحتياطي الاتحادي إزاء الضغوط السياسية قصيرة الأجل، وقال:الاحتياطي الاتحادي بمنأى عن الضغوط السياسية، وهذا ما ندعوه دائماً (استقلاليتنا)، لقد اختار الكونغرس عزلنا بهذه الطريقة لأنه رأى حجم الخسائر الناجمة عن استراتيجية الخضوع للمصالح السياسية، كل البنوك المركزية في الديمقراطيات الكبرى في العالم تتمتع بنفس الاستقلالية التي نتمتع بها …وهذا بمثابة تصريح الاستقلال عن ترامب.
في شباط من عام 2019، عندما بدأ تأثير التحفيز الكمي ينشر حالة من الاضطراب، قبل الاحتياطي الاتحادي بالحد من ضغوطه، لكن بنسبة تتراوح مابين 50 إلى 40 مليار دولار شهرياً، ما يعني سحب 500 مليار دولار من سوق التداول الاقتصادي سنوياً، وهذا ليس بالأمر اليسير، وإذا ما حدث التقهقر الاقتصادي بين ستة أشهر قادمة وبين الانتخابات في عام 2020، فإن المسؤولية تقع على عاتق(أرباب المال) ورجال المصارف الممولين، وإذا خسر ترامب إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، فإن المسؤولية برمتها على الاحتياطي الاتحادي وليس على منافسيه الديمقراطيين غريبي الأطوار.
عن: موندياليزاسيون

ترجمة:حسن حسن
التاريخ: الاثنين 22-7-2019
الرقم: 17029

 

 

 

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان