ترفع أميركا والدول القابعة تحت جناحيها منسوب تكتيكها، وذلك بهدف توسيع ساحات الحروب الدائرة، وخلق ظروف اعتداءات جديدة ضد سورية والدول التي تحارب الإرهاب معها، وذلك في محاولة منها لضخ المزيد من جرعات الدعم السياسي والعسكري واللوجستي، في شرايين مرتزقتها وعملائها المتيبسة، لتعديل الأمزجة المصابة بالإحباط نتيجة الهزائم التي تلقوها، وحشرهم في أماكن محددة، جعلت الخيارات أمامهم قليلة، وطرقات الهروب غير سالكة كما يشتهون، بعد أن فوّتوا على أنفسهم فرص عبورها، وأفقدوا هرمونات السعادة مفعولها.
لا الحديث عمّا يسمى المناطق الآمنة بشافٍ للغليل، ولا استنساخ الخطط والغرف والأنفاق سيكون ترياقاً للإرهابيين، ولا حتى التضييق على النازحين في المخيمات سوف يحقق المبتغيات، حيث لن يتأخر الوقت لتدقّ الساعة إيذاناً باستئصال ورم التطرف الخبيث، وبالتالي فالاتفاقات التي ينتشي بكؤوسها مشعلو الحرب في سورية لن تدوم فرحتها طويلاً، سواء رسمت تلك المناطق على الورق، أم خطّتها المجنزرات أو حتى حمتها وحرستها الطائرات، فخطوطها وهمية وحدودها سراب، وساحاتها كثبان سوف تُخفي رسّاميها.
جدار الرهان التركي على أميركا يتصدّع، ويحكم الموقف بين داعميّ الإرهاب تبادل الاتهامات عن التأخير في تنفيذ اتفاقات العدوان والتآمر، ما يؤكد أن المشروع الأردوغاني يعتمد على حماية التنظيمات التكفيرية لاستخدامها، والنفخ بجمرها عند اللزوم، وتغيير ديمغرافية المنطقة بذريعة أمن بلاده المزعوم، في الوقت الذي يتجاهل فيه صاحب ذاك المشروع تقويض الاستقرار الذي تسبب فيه بدول الجوار، متخذّاً من تلك الذريعة مظلة لتحقيق أطماعه وأحقاده، ومستغّلاً حالة الابتزاز والضغط التي تمارسها واشنطن على المحور المقاوم برمته، بالإضافة للعبه بورقة اللاجئين التي يلوّح بها لإجبار الأطراف المتضررة منها على الوقوف بجانبه.
واشنطن تحاول تخفيف حدة التصدع والاهتزاز تلك، بتكثيف زيارات مسؤوليها إلى مناطق الشمال السوري، وطمأنة الوكيل التركي بأن الأمور لا تزال على ما يتمنّى ويشتهي، وأن ما طال انتظاره، بات في مطبخ التشاور وعلى مواقد التوقيع والمصادقة، وأن ما تسمّونه مماطلة هو فقط من باب التأنّي لتجنّب الوقوع في قعر الأخطاء الماضية، وذلك على وقع ترك «لهّاية» الإس 400 في فم أردوغان، لضمان وقف سيل لعابه الممتد إلى الصدر الروسي الممتلئ بشكل كامل.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 26-7-2019
الرقم: 17034