هاجس البداية

 

 

من الهواجس المُلحّة التي تنتابُ كاتب القصة القصيرة، مسألةُ افتتاح قصَّتِهِ، بل إن معظمّ القصاصين يرونَ أن أصعب ما يعانونه هو الجُمل الأولى التي عليهم أن يعثروا عليها كي يجري بعد ذلك نهرُ الإبداع… وصولاً بالتأكيد إلى اللحظة الصعبة جداً، وهي لحظة إقفال النص.. ولعلّ هذا ما جَعَلَ القاص كيروغا يقول:
(لا تبدأ الكتابة دون أن تعرف منذُ الكلمة الأولى أين تسير. في قصّةٍ جيّدة السطور الثلاثة الأولى لها نفس أهميّة السطور الثلاثة الأخيرة)؛ وهذا ما دَفَعَ هانز أوستروم لكتابةِ مقالةٍ كاملةٍ حول خيارات افتتاحِ قصّةٍ قصيرة، وقد خاطبَ القاصَ منذ السطور الأولى: (لا يمكنُ لِقصّتكَ أن تبدأ (كيفما اتفق) إن افتتاحها يقرّرُ الإيقاعَ، المهارةَ، الصراعَ، ومن ثمَّ استمراريّة القراءة في المتابعة) ثُمّ يشبّه الجملة الأولى بالنقلةِ الأساسيّة في لعبةِ الشطرنج، فإن افتتاح القصّة القصيرة يخلِقُ الشكلَ والإيقاعَ لما يليه، إن هذا الافتتاح هو الخطوة الأولى نحو النجاح أو الفشل، والحقيقة أن استعراضاً سريعاً لمعاناةِ القصاصين مع افتتاحيات قصصهم تُرينا أن بعضهم قد أنفق ساعاتٍ طوال، وتلبّثوا أياماً وربما أكثر بغية العثور على الافتتاحيَّات المثاليّة قبل المضي قُدُماً في بناء النص، وهذا ما كان يحدثُ مع ماركيز على سبيل المثال لا الحصر، فقد كانت أصعب السطور في كتابة القصة لديه هي الثلاثة الأولى فإذا ما أنجزها انطلَقَ فيما بعد بيسرٍ يبني نَصّه.. والأمر نفسه في تعامل ماركيز مع كتابة الرواية فقد كان (يعتبر أن السطر الأوّل إن لم يكن صحيحاً فإنَّ كل ما يليه سيكون بلا فائدة، لذلك كان يصرف سنة كاملة على كتابةِ الفصل الأوّل من الرواية، وما إن ينتهي منه حتى ينجز ما تبقّى من الكتاب بسرعةٍ قياسيّة)، ويؤكد هانز أوستروم في مقالتِهِ التي أشرنا إليها آنفاً أن بعض الكتّاب المبتدئين هجروا كتابة القصة القصيرة بسبب الإحباط الذي أصابهم جرّاء عدم قدرتهم على خلق افتتاحيات جيّدة لقصصهم.. والأمر نفسه ينسحبُ على خواتيم القصص القصيرة، حتى أنّ كيروغا (يروي أنّه وجدَ مَرّةً صديقاً لهُ معروفاً في إجادةِ كتابة القصّة، يبكي وهو منكبٌ على كتابة قصّةٍ لم يستطع أن يضع نهاية لها. كانت تنقصه فقط الجملة الأخيرة، لكنّه لم يكن يراها، كان يبكي ولم يكن يستطيع أن يهتدي إليها).

د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 28-7-2019
الرقم: 17035

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة